على كل طبيب مسؤولية الحفاظ على صحة المريض النفسية ورفع معنوياته، قبل معالجة جسده من أمراضه وآلامه.
قالها الطبيب بِبساطةٍ مُبالَغٍ بها وكأنَّ الأمر عاديًّا جدًّا:
لا أملَ من علاجِك !
وأضافَ مُتسائلاً وكأنَّه يُرغِمُني على الإقتِناعِ بِكلامِه: ألا تستَطيعين المَشي؟
هزَزتُ رأسي مُوافِقةً رُغم أنِّي شعرتُ بانسِلاخي عن آمالي جميعِها، وكأنَّ شيئاً ما تهَدَّمَ داخِلي وتَحطَّم،
لم يعد هُناك سِوى الشَّتاتَ والفوضى وغبارُ أُمنِياتي الذي غطَّى كلَّ شيءٍ بِضبابِية.
وكأنَّ جِدارَ الأملِ الذي قَضيتُ عمري كلَّه وأنا أبنيهِ وأضعُ حجارةَ أحلامي به حجراً تِلوَ الآخر انقَضَّ فجأةً وصار مُجرَّد ركام!
لم أعد أسمعُ ما يقولون، ونسيتُ أمرَ قدمي المكسورة بل إنَّ ألماً وكسراً داخلي غطى على كلِّ ألمٍ آخر.
شعرتُ بأني وحدي، الجميعُ تلاشَوا " أبي ، أمي ، الطبيبُ ، وقريبي الذي لا أعرِفه "
وأنا وحدي على ذاك الكُرسيِّ المُتحَرِّك بِقدَمٍ مُتوَرِّمَةٍ جرَّاء الكسر!
شعرتُ بالخواء وبأنَّ الضياع الذي كان يلُفُّني ضَيَّق خِناقَه حولي أكثر،
شعرتُ بالإنهِزام والإستسلام وكادَت تخونني بِضعُ دمعات اجتَهَدتُ في إخفائها حتى أتَت مسمَعي كلِمَةٌ أخرجَتني من الوقوع،
أخذَت بِيدي وأعادَتني للحياة ولِلأمل.
كلِمة " الله " قالها الطبيبُ ضِمنَ جُملةٍ يُحكَى أنها لِلمواساة:
فَلتَحمِدي الله إذن إن كنتِ تستَطيعين المشيَ، ماذا تريدين أكثر من ذلك؟
لم أستطِع الإجابة عن سؤالِه لِأنَّ جيشاً من الإجاباتِ غزا رأسي الذي كان مَحشوراً بِكَمٍّ لا بأسَ به من القِصصِ والحِكايات والتفكيرِ بِالمصيبة الجديدَةُ التي ستَتَلبَّسُ قدمي بعد قليل، بِصراحةٍ كانَت هاجسي الذي لا مَهربَ منه.
اكتَفَيتُ بابتِسامةٍ حينها وحمدتُ الله وكُلِّي يقينٌ بأنَّه لن يترُكَني وحدي أُصارِعُ الألم.
كُلِّي ثِقةٌ بأنَّ أساسَ الأملِ داخِلي والذي يُخبِرني دائماً بأنَّ الله معي وسيُحدِثُ مُعجِزَة من أجلي،
مؤمِنةٌ أنا بِذلك لِأنَّ الله ابتلاني ولن يترُكَني أُعاني.
لن يترُكَ الألمَ ينالُ مِنِّي ولِأنه الرحمن الرحيمُ سيرحمُني.
لِأنه اللطيفُ سيَلطُف بي، ولِأنه الجبَّارُ سيَجبُرُ كسري وروحيَ المُرهقَةَ من الألم.
سيجبُرُ قلبي الذي ما استطاعَ تصديقَ ذاكَ الطبيب
شيءٌ ما داخِلي همَس :
إليكَ يا الله أشكو بَثِّي وحُزني!
#مياس_وليد_عرفه
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات