خاطرة عن رجل عجوز شديد الانحناء رأيته بمترو الأنفاق

رأيته جالسًا هناك

ظهره محني

رأسه كذلك

في إحدى كتفيه انتفاخ

والأخرى طبيعية

أو ربما هكذا هُيئ لي

رفع يده اليسرى إلى عينه

مسح شيئًا بها

وأنزلها إلى ركبته

بإصبعيه مسح شيئًا في بنطاله

رفع عينيه فقط لينظر أمامه

فتظاهرتُ بالنظرِ أمامي حتى لا يراني وأنا أتأمله

أنزل نظره مجددًا

عُدتُ أنظر إليه

لم يكن تأملي به بما يحمله التأمل من ثقل

لم أفكر في شيء بعينه

كل ما خطر لي هو "كم هو محني"

لا شيء أكثر ولا أقل

لم أفكر حتى في تصويره

لم أشعر بأني لدي الحق في ذلك

لم أتألم حتى لمظهره

لم أستطع أن أحدد شعوري نحوه

ولم أشعر بالفضول لمعرفة كيف ينحني شخص هكذا

أو ربما أنا بالفعل أعرف كيف

لكن شيء ما داخلي اختار أن يتجاهل السبب

لم أستطع إبعاد ناظري عنه

وكأنني كنت أنتظر أن يفرد ظهره

ينهض

ثم يتحرك مبتعدًا عن مجال رؤيتي

لكنه لم يفعل

ثم أُغلِق باب المترو وبدأ يتحرك

ونسيته

تقريبًا!

هدى فضل

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات هدى فضل

تدوينات ذات صلة