محاولة لفهم دوافع انجاب الاطفال واعادة التفكير بها

فلسفة انجاب الاطفال


كثير من المتزوجين يفكرون ويحلمون بانجاب الاطفال, وهذا شئ طبيعى وغريزى, ولا يتم التفكير فيه كثيرا, بل يتم القيام به بتلقائية. ولكن ما اظن انه يجب التفكير فيه بروية, هو سؤال للراغبين فى انجاب الاطفال وهو: ما التأثير الذى تنتظرانه من اطفالكما على حياتكما؟! واعتقد ان اجابة هذا السؤال, تلقى الضوء على جوانب عديدة فى رؤيتنا لانجاب الاطفال والتوقعات والامال التى نضعها عليهم.


1- التأثير المادى: قد يرغب البعض فى انجاب الاطفال, لاسباب عديدة, فبعيدا عن العامل الغريزى, فيوجد ايضا عامل مادى, يهم الكثير من الناس, حيث يرى بعض الاباء والامهات فى اطفالهم, استثمارا ماديا للمستقبل, حيث انهم سينفقون عليهم فيما بعد وسيساعدونهم ماديا, ولكن رغم كون هذه النظرة الى انجاب الاطفال, تبدو جافة بعض الشئ, الا انها موجودة بكثرة فى عالمنا المعاصر, وهى ايضا وجهة نظر جديرة بالمناقشة, فنرى اذا ما كان هذا العامل كافيا للانجاب الاطفال ام لا, وانا ارى ان هذا العامل غير كاف, لان -فيما اعلم على الاقل- لا يوجد قانون ما يلزم الابناء بلانفاق على ابائهم, فلذلك هم غير ملزمين الزاما قانونيا جبريا, يضمن حق الاباء فى استراد اموالهم من ابنائهم فى المستقبل! او الاثراء على حساب ابنائهم! ومن جهة اخرى, فلن تكون مساعدة الابناء لابائهم مغرية جدا, حيث انهم سيكونون فى حاجة لانشاء اسرهم الخاصة وتحمل مسئولياتهم المادية المختلفة, لذلك ما سيتبقى للاباء سيكون قليلا جدا, ولا يعادل ما امكنهم من ادخاره خلال كل تلك السنوات, بدلا من انفاقه على اطفالهم! ولذلك, فانى ارى ان السبب المادى, غير كاف لانجاب الاطفال.


2- التأثير المعنوى: هناك بعض الاباء والامهات, من يرون فى ابنائهم "امتدادا" لهم فى الحياة, فيرغبون فى الانجاب لهذا السبب, ولان ايضا ابنائهم ليسوا امتدادا فحسب, وانما هم ايضا "اعادة محاولة" لهم فى الحياة!, اى انهم سيعيشون بعد موتهم, واضافة الى ذلك, تحقيقهم ما لم يستطيعوا هم لسبب او لاخر تحقيقه!, فيرغبون فى هذه الحالة من الابناء ان يكدوا فى الدارسة للاحراز مجموع معين, والتخصص في الجامعة فى تخصص معين, والعمل بمهنة معينة, والزواج بالشخص الذى يرون هم انه مناسب! وانى ارى ايضا ان هذا العامل غير كاف للانجاب الاطفال, حيث انى لا اعتقد ان الاطفال هم باى شكل من الاشكال "امتدادا" للابائهم, فهم فى رايى ذوات منفصلة ومختلفة تماما, بميول وتفضيلات وخيارات فى الحياة مختلفة او غير متطابقة بالضرورة مع ما يريده ابائهم! وهم ليسوا مطالبين باى شكل من الاشكال بتحقيق ما عجز ابائهم عن تحقيقه! ولا مطالبين باتخاذ خيارات الحياة التى لم تاتى نتيجة تجربتهم فى الحياة وافكارهم ومشاعرهم الخاصة! ولذلك, فانى ارى ان العامل المعنوى هو الاخر, غير كاف لانجاب الاطفال.


هل الحل هو عدم الانجاب؟!

لا اظن ان حل هذه الاشكالية هو عدم الانجاب, ولكنى اعتقد انه يتمثل فى عدم توقع الكثير من الاطفال الذين نرغب فى انجابهم فى المستقبل, وانما يكون توقعنا الوحيد من الانجاب والتأثير الذى ننتظره من اطفالنا على حياتنا هو متعة تربيتهم ورؤيتهم يكبرون فى حد ذاتها, ومساعدتهم قدر الامكان فى الوصول لاهدافهم الخاصة لا اهداف ابائهم, واعتقد ان من لا يرى لهذا العامل اهمية, فهو بنسبة كبيرة يحكم على علاقته بابنائه فى المستقبل بالفشل قبل حتى ان يولدوا! اما من راى هذا العامل كافيا له, فاعتقد انه سيسعد فى حياته مع ابنائه, وسيحافظ على علاقة من الود والحب معهم الى اخر ايامه.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

تدوينات من تصنيف وعي

تدوينات ذات صلة