إلى تلكَ القلوبِ الوفيَّةِ الصَّادقةِ، واصلي ما أنتِ عليهِ، ستُجبَرينَ وستنَالينَ مثلَ ما تهبينَهُ إلى العالمِ.
قطعةٌ صغيرةٌ في الجسمِ، لكِنَّهَا الحياةُ بأكمَلِهَا، حينَ تتوقَّفُ عنِ النَّبضِ، سيتوقَّفُ العالمُ منْ حولِهَا.
قلبي وقلبُكَ وقلوبُكُم جميعاً رَغمَ أنَّهَا صغيرةٌ جدّاً، إلّا أنَّ هذهِ القلوبَ قد تُسْعِدُ أحدَاً وقد تَقْتُلُ آخرَ.
نعم، فالقلبُ المحبُّ سيَهِبُ الحياةَ لمُحِبّيْهِ، والقلبُ الطّاغي والمتجبِّرُ سيَظْلِمُ ويطغَى.
ولكنْ أَمَا آَنَ لهذا القلبِ أن يكونَ رحيماً عطوفاً كقلبِ الأمِّ الذي لا ينازعُ على حبِّه أحدٌ، وكحنانِ الأبِ الذي قد يتظاهرُ بالقسوةِ أحياناً، ولكنَّهُ في الأصلِ ومنَ الدَّاخلِ قلبٌ مُحِبٌّ شفَّافٌ؟
آما آنَ للحبيبِ أنْ يصدُقَ بحبِّهِ دون أن يقدمَ الألمَ والخذلانَ؟
أما آنَ للصَّديقِ أنْ يسنُدَ صديقَهُ دونَ أن يجازيهِ بالصدِّ والنُّكرانَ؟
أما آنَ لقلبِكَ أن يعبِّرَ عنْ مشاعِرِهِ بصدقٍ ويبوحَ بما في خاطرِهِ كأيِّ إنسانٍ؟
نحنُ مَنْ نحدِّدُ ونختارُ كيفَ نريدُ لقلوبِنَا أن تكونَ، وما يحدِّدُ ذلكَ هوَ طريقةُ تعاملِ قلوبِنَا وتفاعِلِهَا معَ قلوبِ الآخرينَ ومعَ الحياةِ ومواقِفِهَا.
ولكنْ مهلاً، فما تختارُهُ لقلبِكَ وتقدِّمُهُ للآخرينَ، سيأتيكَ أنتَ بنفسِ الطَّريقةِ حتّى ولو بعدَ حينٍ.
نعم، إنْ اخترتَ الصِّدقَ والحبَّ، ستجِدُ ذلكَ.
إنْ اخترتَ لقلبِكَ القسوةَ والخداعَ، فانتظرْ ذلكَ.
وإنْ اخترتَ الظّلمَ والجبروتَ، فاعلمْ بأنَّكَ ستُقاسي من نفسِ ما يضُخُّهُ قلبُكَ.
فالجزاءُ مِن جنسِ العملِ في كلِّ شيءٍ في الحياةِ، حتّى في المشاعرِ وفي القلوبِ.
تقولُ ليز هاي في كتابِهَا (القوةُ في داخلِكَ): "علاقةُ السَّببِ بالنَّتيجةِ مُحتَّمةٌ فنخسرُ ما نأخذُهُ من غيرِنَا، ونحصُلُ على ما نقدِّمُهُ إلى غيرِنَا، فهذِهِ هيَ حالُ الحياةِ، ما تقدِّمُهُ للعالمِ يعودُ إليكَ".
فإلى تلكَ القلوبِ الوفيَّةِ الصَّادقةِ، واصلي ما أنتِ عليهِ، ستُجبَرينَ وستنَالينَ مثلَ ما تهبينَهُ إلى العالمِ، كوني واثقةً من عطائِكِ ومحبَّتِكِ، كوني قويَّةً بنفسكِ واعتزِّي بها، فالحياةُ أخذٌ وعطاءٌ، وما تعطِيهِ ستأخذُهُ يوماً، لذا قبلَ أن تقدِّمَ أيَّ شيءٍ، فكِّرْ إنْ كنتَ ترتضيهِ لنفسِكَ، وإنْ كنتَ تقبلُ لقلبِكَ أنْ يحصُلَ عليهِ.
وقلبكُ الصَّادقُ هوَ أنقى ما تعيشُ بهِ حياتَكَ، فلا تكترِثْ للقلوبْ التي يشوبُهَا الكثيرُ منَ التَّشويهِ، فالصَّفاءُ والنَّقاءُ صفاتٌ لا يتحلَّى بهَا إلَّا النَّادرونَ .. مثلُكُم.
التعليقات