الصحه النفسيه وعلاقتها بالتغير المناخي ،وكيف يؤثر على الصحة العقلية والنفسية والاجتماعية للمتأثرين فيه بشكل مباشر

الصحة النفسية مهددة بعواقب تغير المناخ



الصحة النفسية مهددة بعواقب تغير المناخ97526086075552620


درجت العادة -لدى دراسة التغيرات المناخية- على دراسة الآثار الاقتصادية والبيئية العامة المترتبة. إلا أن التوجه الحديث يأخذ صحة الإنسان في الاعتبار، وخصوصاً صحّته النفسية.

"نسبة كبيرة من الناس يعانون من التوتر والقلق بشأن الآثار المحتملة لتغير المناخ ومستوى القلق يزداد بشكلٍ شبه مؤكّد"، يُخبرنا التقرير الذي أصدرته الجمعية الأمريكية لعلم النفس الأمريكية عام 2017 بعنوان "الصحة العقلية ومناخنا المتغير" مشيرًا لأوّل مرّة إلى مصطلح "القلق البيئي" ومعرّفًا إيّاه بأنه حالة من الخوف المزمن من تدمير البيئة. يؤكّد التقرير على أنّ جيل الألفية يشعر بالتوتر والعجز نتيجة للحالة الراهنة للكوكب وتحديات إنقاذه، ويواجه حالة من اللايقين وانعدام الجدوى من أيّ محاولة للتعامل مع الوضع. ولا يقتصر ذلك الشعور على الأشخاص في الأماكن المعرّضة للكوارث والمشكلات البيئة الملحوظة وحسب، بل ويهيمن على العالم ككلّ.

تذهب بعض الدراسات إلى القول بأن الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة يؤدي إلى تزايد السلوك العنيف لدى الإنسان. وتشير دراسات أخرى إلى وجود علاقة بين الاضطرابات النفسية والذهنية وما بين معدلات حرارة الطقس عموماً، وتتزامن هذه العلاقة أيضاً مع اضطرابات جسدية (مثل تلك التي ترتبط بأمراض القلب والأوعية والكلى). ولاحظ الباحثون بأن هنالك علاقة ما بين الأزمات الاقتصادية الناجمة عن التصحر وبين احتمالية الإصابة باضطرابات ذات صلة بالتوتر والاكتئاب.

وتشير بعض الدراسات إلى أن عديداً من الكوارث البيئية مثل الفيضانات، الأعاصير العاتية، وحرائق الغابات تساهم في تفاقم بعض الحالات النفسية والعقلية. إن الأفراد الذين تعرضوا لكوارث مشابهة هم أكثر عرضة لتداعيات نفسية كإضطراب ذكريات مزعجة راسخة من الحدث ومحاولات الشخص تجنب أي شيء مرتبط بالحدث، ويمكن أن تستمر هذه الأعراض على مدى أشهر وسنوات بعد اختبار الشخص للحدث. ويمتد تأثير مثل هذه الكوارث البيئية ليشمل اضطرابات نفسية أخرى مثل اضطراب التوتر والقلق العام . ونظراً لأن العديد من الأفراد في مثل هذه الظروف البيئية الكوارثية يفقدون بيوتهم، أقاربهم وأغلب ممتلكاتهم، فمن المرجّح أن يُعانوا أيضاً من الاكتئاب على أنواعه، بالإضافة إلى مجموعة من الاضطرابات والاعتلالات النفسية المصاحبة.

كما أظهرت الأبحاث مستويات عالية من التشاؤم والقلق حول العالم، والتي يمكن أن ترتبط بزيادة مستويات القلق والاكتئاب وكذلك مع صعوبة التخطيط للمستقبل. أفاد الشباب أن المخاوف بشأن تغير المناخ تؤثر على قرارات الحياة مثل مكان العيش وما إذا كان ينبغي إنجاب الأطفال.

تقول الناشطة المناخية باربارا لوف: «ربّما ليس بأيدينا أن نتخذ قرارًا سياسيًا لحماية كل هؤلاء الناس من الكوارث المناخية، ولا نعلم ما الذي يخبئه لنا المستقبل، لكننا نستطيع، على الأقل، تقديم المساعدة النفسية لبعض المتضررين لتجاوز هذه الصدمات المناخية، حتى يستطيعوا مواصلة حياتهم».

وفي هذا السياق، يقول الدكتور قاسم حسين صالح، مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية، في حوار مع سكاي نيوز عربية: "حين تشعر بالفرح فإن الدماغ يفرز هرمون السعادة (السيروتونين) فتنتشي وتنام بارتياح، وتعيش عمرا أطول، وحين تغضب يسري بدمك هرمون (الأدرينالين) فتزداد عنفا وينتابك الخوف وتنام قلقا وتعيش عمرا أقصر، ولك أن تراقب حالتك النفسية كيف تتقلب في الفصول الأربعة من فرح بفصل الربيع إلى اكتئاب بفصل الشتاء". ويتابع الخبير النفسي العراقي: "والمشكلة أن الإنسان استطاع أن يتكيف مع تغير المناخ عبر الفصول الأربعة، لأنه كان يتوقعها وعلى دراية بها، فكيف إذا حصلت من دون توقع وعلم مسبق وبشكل حاد؟"

لذلك، ليس غريبًا البتة أنْ تعمل تغيّرات المناخ والطقس على التأثير على الحالة النفسية والعقلية للأفراد، سواء بشكلٍ مباشر أو غير مباشر. أمّا إنْ سألنا أنفسنا عن إمكانية تجاوز القلق والمشاعر السلبية الأخرى تجاه ما يحدث في العالم والبيئة، فينصح الخبراء بالتكيّف الذي يمكن الوصول إليه من خلال تغيير الحالة العقلية المزاجية للناس وجعلهم أكثر ثباتًا في الظروف المناخية القاسية واستعدادًا للتعامل مع تحدّياتها. ويتفق معظم الخبراء على أن الحد من أسوأ تأثيرات مناخنا المتغير يتطلب تغييرات في كيفية عيشنا وعملنا ولعبنا، والحاجة بأن نكون مستعدين بشكل أفضل لمعالجة الأبعاد النفسية لتغير المناخ والعدالة المناخية وسياسة المناخ. كما تظهر الأبحاث أن إحدى طرق إدارة القلق بشأن المناخ هي اتخاذ الإجراءات اللازمة. إن تمكين الأفراد له تأثير حقيقي في دعم المجتمع ودعم طرق العيش والعمل الأكثر صحة والأكثر صداقة للمناخ.

وفي السياق نفسه، دعت منظمة الصحة العالمية، إلى دمج الاعتبارات المناخية في برامج الصحة النفسية، مستشهدة بتجربة الفلبين التي أعادت بناء وتحسين خدمات الصحة النفسية بعد إعصار هايان، في العام 2013، وتجربة الهند التي قامت بتحضير المدن للاستجابة لمخاطر المناخ، وسد احتياجات الصحة النفسية، والاحتياجات الاجتماعية بشكل متزامن.





Eco youth jordan

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Eco youth jordan

تدوينات ذات صلة