سن المراهقة و الصحة النفسية و التحديات في الوطن العربي

.

‎المراهقة والصحة النفسية

‎إن من أهم القضايا الشائكة في عالمنا العربي هو عدم التمييز بين فترة المراهقة الطبيعة و وجود الاعتلالات في الصحة نفسية . ودعوني أقول لكم بداية أن الصحة النفسية ليست مجرد غياب الاضطرابات النفسية إنما هي حالة من العافية يستطيع كل فرد إدراك امكانياته الخاصة والتكيف مع حالات التوتر العادية والعمل بشكل منتج و مفيد. الا أننا في عالمنا العربي نجد صعوبة بالغة في التفريق بينما هو طبيعي وما هو غير طبيعي.

‎وهنا أتحدث عن فترة المراهقة ما بين (10-19) عاماً حيث تعد فترة حاسمة لتطوير و اكتساب عادات إجتماعية و عاطفية مهمة للسلامه النفسية . حسب منظمة الصحة العالمية فان نصف الاعتلالات النفسية و أعراضها تبدأ في الظهور عند سن الرابع عشر ولكنها للاسف غير مكتشف أو معالجة ، كما تشير التقديرات الى أن 10%الى 20% من المراهقين على الصعيد العالمي يعانون من اعتلالات الصحة النفسية و ان مستوى التشخيص و علاج هذه الاعتلالات متدن جداً . تخيل عزيزي القارئ أنه كان من الممكن اكتشاف و معالجة تلك المعاناة في سن مبكر لولا التبريرات اللامنطقية التي نستخدمها ك( فترة مراهق و بتعدي ، هو شو شاف من الدنيا ، هو أحسن من غيره بكثير ) وغيرها الكثير . كما يعد الأنتحار حسب منظمة الصحة العالمية ثالث سبب للوفاة عند الأشخاص التي تتراوح اعمارهم بين 15 الى 19 .

‎ان هناك الكثير من العوامل التي تؤثر في صحة المراهق النفسية منها : المشاكل المتعلقة بالصحة الجسدية (النحافة ، السمنة، بثور الوجه ،قصر/طول القامة ) . تعرض المراهق لمشاكل عائلية /اجتماعية /دراسية . تعرض المراهق للعنف بأشكاله ومنه العنف الجسني و التحرش مما ينعكس سلباً على صحته النفسية . كما أن رغبة المراهق في الحصول على قدر أكبر من الاستقلالية من الممكن أن يؤثر على صحته النفسية . ولا ننسى أن زيادة فرص الوصول الى التكنولوجيا و استخدامها يعد من أهم العوامل المؤثرة في الصحة النفسية . وغيرها الكثير .

‎و دعوني أذكر لكم اهم الأعراض والتغييرات التي قد تتظهر على المراهق وتعد مؤشراً لوجود مشكلة : من أهم التغييرات التي تطرأ على المراهق هي التغييرات في عادات النوم ،قد يشكو من الأرق او الرغبة في البقاء في السرير طوال النهار أو حتى البقاء طوال الليل . ويعتبر فقدان الاهتمام بالأنشطة المعتادة من اهم العلامات التي تعني وجود مشكلة ، فاذا تخلى المراهق عن انشتطه المفضلة أو اظهر عدم الاهتمام بقضاء الوقت مع الأصدقاء فإنه مؤشر لوجود خطب ما . التغييرات السلبية في الاداء الاكاديمي اذا لاحظت انه فقد الاهتمام بالقيام بواجباته المنزلية و تراجع المستوى الدراسي ايضاً . يعتبر ايضا التغير في الوزن أو الشهية مؤشر لوجود مشكلة حقيقية . التغير في المزاج – الغضب المفرط والبكاء غير المتوقع و ارتفاع مستويات الانزعاج . اللجوء الى العزلة و الرغبة في البقاء وحيدا لفترات طويلة و كذلك السرية المفرطة ، كل تلك العلامات تعد مؤشراً حقيقياً لوجود مشكلة .

‎ولكننا للاسف في عالمنا العربي لا نأخذ كل تلك المؤشرات على محمل الجد ونعطيها تبريرات لامنطقية و ظالمة كما ذكرت سابقاً . حيث تمتد عواقب عدم التكفل باعتلالات النفسية للمراهقين الى مرحلة البلوغ مما يتسبب في ضعف الصحة البدنية و النفسية على حد سواء و يحد من فرص التمتع بحياة مرضية في مرحلة البلوغ.

لذا علينا أن نأخذ كل تلك المؤشرات في عين الاعتبار و تشجيع ابناءنا للحديث حول مشاعرهم و اظهار كل الاهتمام و الحب و التفهم. و قضاء الوقت معهم لتبادل أطراف الحديث و مشاركتهم الأفكار . و تشجيعهم لطلب المساعدة عند الحاجة و تقديم الدعم لهم .





·


































Dana

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Dana

تدوينات ذات صلة