واثق أنَّك ستجد هنا إيجابيَّة غير الإيجابية التي اعتدت.

من منَّا لم يسمع بالتنميةِ البشريَّة التي خاطبتنا على مرِّ زمانِها بأنَّ التفكير الإيجابي هو المفتاح لحياة سعيدة وناجحة؟

هل كانت مُحقة أم أنَّنا خُدِعنا؟!

فلنكن صادقين مع أنفسنا يا صديقي فالحياة أكثر تعقيدًا مما صورتها لنا التنمية البشريَّة، وتكاد تكون أكثر تعقيدًا من أعْقَدِ عُقْدَةٍ عُقِدت في عقلك، ستقول لي: إن لم تكن الإيجابية هي الحل فما الحل إذاً؟

سأُقدِّم لك في هذا المقال الحل المناسب لمواجهة معتركات الحياة انطلاقاً من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "يسِّروا ولا تعسِّروا، و بشِّروا ولا تنفِّروا".


فلنبدأ مع أول مشهد، لطالما قالت لنا التنمية البشريَّة بأن نقف على المرآة وأن نخبر أنفسنا بأنَّنا أذكياء و ناجحين، المعذرة يا صديقي لن أخدعك كما خدعوك فالأذكياء و الناجحون ليسوا بحاجة بأن يخبروا أنفسهم بذلك؛ فالنجاح والذكاء من ممتلكاتهم الخاصة وهم ليسوا بحاجة لبرهنة ذلك لذواتهم.

إذًا ما الحل؟ الحل هو أن تتقبَّل ذاتك كما هي بسلبيَّتِها وضعفها وأن تُدْرِكَ حدود إمكانيَّاتِكَ وقُدُراتِكَ، مهلاً يا صديقي على رسلك! أن تكون متقبلاً و مدركاً لحدود ذاتك لا يعني الاستسلام لها مطلقاً؛ بل الإدراك والتقبُّل هو مجرد بداية لعملٍ دؤوبٍ لصناعة ذواتنا من جديد، ننطلق من ضعفنا وحدود إمكانيَّاتنا مستعينين بالله واثقين به بأنه لن يُضيِّع ثمرةَ جُهْدِنَا بل سيجعَلُها تُثْمِرُ ثَمَرَاً يانِعاً.


أمَّا المشهد الآخر فسيضعنا أمام تناقُضٍ كبيرٍ، يقولون: ابقَ على طبيعتك ولا تتصنَّع، المعذرة لن اسمح لمثل هذه العبارات أن تدخل ذهنك من جديد، المعذرة مرة أخرى فالأشخاص الذين يبقون على طبيعتهم هم أشخاص عاديين، أما أصحاب الطموحات الكبيرة والأهداف العظيمة فهم في تغيُّرٍ مستمر، حتَّى من الممكن أن تراه مرتيِّن في ذات اليوم وفي المرة الثانية ستجد أنه تطوَّر بشكلٍ ملفتٍ للانتباه "هكذا هم المبدعون دائماً"؛ فإن أرادوا أن يكونوا على طبيعتهم فسيكونون على طبيعتهم المتطورة التي يريدون وهذا لن يحدث مطلقاً لأنهم في تطورٍ مستمرٍ.


وأختم بالمشهد الأخير، يمجِّدون لك المعاناة ويبرِّروا تأخرك بحجم معاناتك وألمك، المعذرة يا صديقي من جديد، هم بفعلتهم تلك يضعونك في صندوقٍ مقفول، صديقي يجب أن تعرف أنَّك لست محور هذا الكون؛ فالكون مليءٌ بالبشر وبما أنه مليءٌ بالبشر إذاً فهو أيضاً مليءٌ بقصصِ المعاناةِ والألمِ، فكل إنسان وجد على هذه الأرض لديه معاناته الخاصة به، إذاً لا تسمح لهم بأن يعيدوك إلى ذلك الصندوق مجدَّداً.


صديقي المبدع والطموح أضع لك في نهاية المقال خلاصة الخلاصة:

1-تقبَّل عيوبك وضعفك واسع واجتهد لِتَقْلِبَ العيوب إلى ميِّزات والضعف إلى قوة.

2- لست بحاجة بأن تخبر نفسك بأنَّك ناجح؛ فالناجحون لا يفعلون ذلك.

3- إن أردت العظمة فلن تكون على طبيعة واحدة فأنت في تطور مستمر.

4- تذكر دائماً أنَّك لست محور هذا الكون؛ فالكون مليء بقصصٍ أشدّ ألماً و وجعاً منك.

إقرأ المزيد من تدوينات أحمد ريَّان

تدوينات ذات صلة