أحياناً نشعر أن روتين الحياة يكاد يقتلنا، فتفقد الحياة طعمها ونتحول إلى رجالٍ آليين يمضون في حياتهم بلا هدف.
رنّ جرس المنبه فاهتزّ هاتفه المحمول لبضع ثوانٍ، فقام فزِعاً كمن أُخرج من قبره. إنها السادسة والنصف صباحاً.
احتسى قهوته، فتناول فطوره، فارتدى ثيابه، ثم خرج إلى دوامه.
قاد سيارته إلى عمله، توقف على أربع إشاراتٍ مرورية، ولفّ حول ثلاثة دواوير، وسلك طريقه عبر نفقين.
أدار مقود عربته نحو اليمين تارة، والتفّت عجلات سيارته نحو اليسار تارة أخرى.
وصل إلى الشركة في تمام الساعة الثامنة.
جلس خلف شاشة حاسوبه، قام بتشغيله، فطلب قهوته، ثم ألقى بأصابعه على لوحة المفاتيح، فظلّت أنامله تعدو حتى دقّت الثانية عشرة.
ذهب إلى الاستراحة، جلس على الطاولة ذاتها التي يجلس عليها كل يوم، تناول طعامه، ثم أخرج ورقة وتناول قلماً من جيبة قميصه الصغيرة، وأخذ يكتب:
"كل يومٍ هو ذات اليوم يدور ويدور يومياً في حلقة يومية مغلقة،
كل الأيام واحد مملٌّ لا يكاد يمضي،
وما إن مضى يومي ظننتُ أن قد خلصت منه فيعاد يومياً ولا يكاد ينتهي
استيقاظٌ فقهوةٌ فمكتبٌ حيث الكدح فعودةٌ فوحدةٌ فنومٌ."
وفي اليوم التالي، استيقظ فأعاد روتينه بحذافيره حتى حان وقت استراحة الغداء، جلس على طاولته فما أن وضع طعامه حتى لاحظ الورقة التي كتب عليها في الأمس لا تزال في مكانها.
حمل الورقة وقرأ كلماته، ثمّ نظر إلى الجهة الأخرى فوجد كلاماً كان قد أُضيف إليها:
"كل يومٍ هو يوم جديد يحمل معه من الأمل ما يطير بنا في آفاق الدنيا،
كل الأيام جميلةً أم صعبةً كانت ستمضي،
وما إن مضى يومك طلعت شمسٌ جديدةٌ وفي رحلة جديدة تجري،
شروقٌ فقهوةٌ فمكتبٌ حيث الرزق فمنزلٌ فأنشطةٌ ومتعةٌ فراحةٌ."
ثمّ ألقى بنظره أسفل الورقة فوجد إهداءً:
من رغبتك في التغيير إليك يا صاحب الورقة، تحدَّ روتينك.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات