الحصول على القيلولة يوميًا بشروط معينة يساعد على تحسين صحتنا العقلية.

انتهى يوم العمل الطويل، أترك مكتبي وأشتبك في الحال مع زحام الساعة الخامسة العظيم راغبًا في العودة إلى منزلي للحصول على بعض الراحة. أتناول غذائي ثم أتجه إلى سريري كي أغفو قليلًا، وتتحول الغفوة إلى نوم تزيد مدته عن الساعتين، أستيقظ لاحقًا وقد قاربت الساعة من العاشرة مساءً ساخطًا على نفسي

وعلى وظيفتي، لقد ضاع اليوم تمامًا!


هل مررت بهذه التجربة من قبل؟ يعيش أغلب الموظفين تلك القصة القصيرة الحزينة، وكثيرًا ما يلومون أنفسهم على نوم منتصف اليوم -أو القيلولة- نظرًا لما تُسببه من ضياع للوقت إلى جانب الذهاب إلى النوم متأخرًا.


دعوني أُخبركم خبرًا مُبهجًا، للقيلولة عدد غير من الفوائد بشرط الاهتمام ببعض التفاصيل. هل أثرت انتباهك؟ دعنا نتطرق إلى المزيد من التفاصيل.


الحقيقة وراء القيلولة

"تساعدنا القيلولة على الشعور بالنشاط والحيوية والراحة". هذا هو ما تُخبرنا به الدكتور ميشيل دريروب، العالمة النفسانية والمتخصصة علاج اضطرابات النوم في عيادات كليفلاند بالولايات المتحدة الأمريكية.


ربما يتنافى ذلك مع بعض معتقداتنا الثابتة عن النوم المتضمنة دور القيلولة في إصابتنا بالأرق، وهو ما تُنفيه الدكتور ميشيل؛ فهي تصف (الحصول على القيلولة) أثناء ساعات النهار للعديد من مرضى اضطرابات النوم. إضافةً إلى ذلك، يستطيع الأصحاء أيضَا الاستفادة من القيلولة اليومية.


مواصفات القيلولة الصحية

الحصول على قيلولة صحية له متطلبات خاصة، وتؤكد دكتور ميشيل: "يستطيع أغلبنا استعادة نشاطه عبر قيلولة الممتدة ما بين خمس عشرة إلى ثلاثين دقيقة، وتسبب زيادة تلك المدة الشعور بالأرق ليلًا!".


أجرى موقع The Conversation حديثًا مع خمسة من علماء النفس والباحثين في مجال النوم واضطراباته من أجل الإجابة عن سؤال: هل ينبغي أن ننام في منتصف النهار يوميًا؟ وكانت الإجابة بالإيجاب من جانب أربعة من العلماء، بينما اختلفت معهم باحثة وحيدة.


تقول الباحثة في النوم واضراباته، كاثلين ماديسون: "تحد القيلولة من الرغبة المتواصلة في النوم -والتي تُعَد دليلًا على إصابة الفرد بمشاكل صحية- وتساعدنا على الشعور بالانتباه، ذلك بالإضافة إلى تحسين الحالة المزاجية، كما تشير بعض الأبحاث إلى دور القيلولة في خفض ضغط الدم لدى بعض الأفراد".


تُعَلِق الطبيبة النفسانية ميشيل أولايث: "تعوض القيلولة بعضًا من الوقت المنقوص من ساعات نومنا اليومية الناتج عن التأخر في العمل أو رعاية الأطفال مَثَلًا، وتساعدنا القيلولة القصيرة -أي التي تمتد بين 10-30 دقيقة- على تحسين ذاكرتنا ومزاجنا العام، وفي المقابل فهي لا تؤثر بالسلب على نومنا الطبيعي".


وتضيف ميشيل: "لابد وأن نحصل على سبع إلى تسع ساعات من النوم يوميًا من أجل الحفاظ على صحتنا العقلية والحد من احتمالية- الإصابة بالأمراض المزمنة.


أما الباحثة في اضطرابات النوم، جينيفر زاسلونا، فتخلف تمامًا مع الآراء السابقة وتعبر عن رأيها بقول: "حصول البالغين على عدد ساعات كافي من النوم يوميًا لا يستدعي الحصول على القيلولة أثناء النهار، كما تُشير بعض الأبحاث إلى وجود أضرار للقيلولة التي تزيد مدتها عن الساعة".


أفضل مواعيد الحصول على القيلولة

من الطبيعي أن نشعر ببعض الإرهاق وضعف التركيز خلال فترة منتصف اليوم، وتستطيع الغفوة القصيرة في تلك الفترة إمدادك بالطاقة والحيوية واستعادة التركيز. من الأفضل تجنب الحصول على القيلولة بعد الساعة الثالثة عصرًا كي لا تؤثر سلبًا على ساعتك البيولوجية وتُصيبك بالأرق.


فوائد وأضرار القيلولة اليومية

ترتبط القيلولة بمجموعة من الفوائد بشرط ألا تتخطى مدتها الثلاثين دقيقة، تتضمن تلك الفوائد:

· تحسين أداء الجسم العام ومقاومة الإرهاق.

· الراحة الجسدية.

· تعزيز الذاكرة.

· مقاومة الضغوط العصبية التي تتعرض لها على مدار اليوم.

· تحسين وظائف المخ الإدراكية.

· تطوير القدرة على الإبداع.

· زيادة التركيز والانتباه.


على صعيد آخر، يتضمن الحصول على ساعات طويلة من القيلولة مجموعة من الأضرار، أهمها:

· قصور النوم وهو ما يعني أن تستيقظ شاعرًا بالدوار والدوخة.

· الأرق وعدم القدرة على النوم ليلًا في المواعيد المعتادة.


يُشير بحث أجرته جمعية القلب الأمريكية إلى أن الحصول على قيلولة لمدة ساعة يوميًا وتكرارها على المدى الطويل ارتبط بزيادة احتمالية الإصابة ببعض أمراض القلب، وغالبًا ما يُعاني المصابون بأمراض القلب تلك من وجود مشاكل صحية أخرى تؤدي إلى الشعور بالتعب الإرهاق، الأمر الذي يؤدي بالمرضى إلى حصولهم على القيلولة.


ماذا عن صحة المراهقين؟

دومًا ما نستمع إلى شكوى الأمهات من نوم أبنائهن وبناتهن في مرحلة المراهقة بعد العودة من المدرسة أو الجامعة، الأمر الذي يخافون تأثيره السلبي -طبقًا لتوقعاتهم- على النوم ليلًا.


في بحث تابع لجامعة ديلاوير، وجد الباحثون أن الطلاب المراهقين ممن يحصلون على القيلولة 5-7 مرات أسبوعيًا يمتلكون قدرة أعلى على الانتباه إلى جانب تحسن عدد من وظائفهم العقلية، وأشار البحث أن المدة الأمثل للقيلولة تقع ما بين 30-60 دقيقة.


ماذا عن كبار السن؟

نشر جورنال الجمعية الأمريكية لطب الشيخوخة نتائج بحث تتضمن 2974 فرد ممن تخطوا عمر الخامسة والستين، وتوصل الباحثون إلى أن الخاضعين للبحث ممن يغفون ما بين 30-90 دقيقة (مدة القيلولة) يمتلكون ذاكرة أفضل من أولئك ممن يغفون أكثر من 90 دقيقة، والأفراد ممن لا يحصلون على القيلولة.


وتوضح الدكتور شارلين جامالدو، المدير الطبي لمركز اضطرابات النوم بجامعة جون هوبكنز أن الحصول على القيلولة في الفترة ما بين الواحدة ظهرًا والرابعة عصرًا تساعد كبار السن على حماية نشاطهم العقلي.


كلمة أخيرة

علينا أن نحصل جميعًا -صغارًا وشبابًا وكبارًا- على القسط الكافي من النوم والذي يتمحور في المتوسط حول 8-9 ساعات يوميًا قد تزيد أو تنقص حسب عُمر الفرد، وتساعدنا القيلولة -طالما اتبعت الشروط السابق ذكرها- على حماية صحة عقولنا وأجسامنا، فالحصول على القيلولة أمر جيد لكنه ليس ضروري لكل الأفراد طالما حصلوا على ساعات نوم كافية.


عمرو راجح

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات عمرو راجح

تدوينات ذات صلة