تنبيه : خطر الحنين إلى الوطن وتفاصيله العائليّة بين حروف هذه التدوينة
في البداية قلنا يوم..اثنان...واليوم لا أدري كم أصبح الرقم وكم خانة ازداد ، وما هي إلا أن تاهت أرقامي وأخطأت العدّ لأنّي أطلت الغياب يا أمّي...
اعتدت على غروب شمس صيف عَمّان,,,على استنشاق رائحة شوارعها فور وصولي إليها...أذكر جيّداً كيف كنت أفتح نافذة السيّارة على طريق المطار واّخذ شهيقاً يُحييني من جديد...وهذا الصيف شهيقي ناقص فقد أطلت الغياب يا أمي...
اعتدت أن أحذف كل يوم في الصيف صِنف طعامٍ تعدّه أناملك و أنتظر فجر اليوم التالي لأتذوّق صنفاً اّخر...و إلى اليوم لم أحذف صِنفاً واحداً بل تزداد لائحة أصنافي المفضلة صِنفاً يلحق الاّخر و شوقاً أعمق من الاّخر لأني أطلت الغياب يا أمي...
اشتقت لصوت "النداء الأخير للرحلة المتّجهة إلى الأردن" كان يقلقني ويذبّ في نفسي الرغبة في الركض خوفاً من أن تفوتني الرحلة رغم أني كنت أقف أمام البوابة دون أن ترفّ عيني...وها قد أُغلقت البوابات وعلِّقت الرحلات و أطلت الغياب يا أمي...
مرّ رمضان بي..لحق به عيد صغير قلنا سيزول البأس و سيكون العيد الأكبر في الوطن ... سرعان ما لحق بهما العيد الأكبر بعيداً كل البعد عن الوطن و إذ بنا أطلنا الغياب يا أمي...
كان الربيع يخضرّ بالهدايا ويبتسم بفوضى التحضير للسفر...لم يقاسمني هذا الربيع اخضراره...ونسيَ أن يشاركني ابتسامته..فقد أطلت الغياب يا أمي...
كانت ابنة الجيران تقفز فرحاً إذا وجدت بسكويتها المفضّل في السوبر ماركت واليوم سمعتُ صوت كائنٍ صغير يناديها ماما...على ما يبدو أني أطلت الغياب يا أمي...
وجبة الفطور يوم الجمعة مهما اعددناها باكراً ... في الغربة تنقصها رائحة الصّباح...ينقصها ابريق شاي منزليّ...تنقصها أكواب الشاي الشفافة و أوراق النعنع الصيفيّ ذات الرائحة النفّاثة التي تأبي أن تغادر كل الحواسّ تاركةً أثراً عَطِراً ليواسي أيام الغربة فيما بعد...
أطلت عليكم...وأطال بعضكم على بعض...عذراً على الإطالة اسمحوا لي فقد اعتَدتُ الغياب...
لحظة لن أدع اّخر حروفي للغياب...سنرجع يوماً...سنرجع حتماً و نطيل الغياب على الغياب...
التعليقات