الانترنت جعلت العالم قرية صغيرة لكنها أيضا جعلتنا فيها غرباء.
عندما كنت صغيرة كنت أرى الحي الذي أقطنه كبيرا و السوق الذي أزوره مع أمي واسعا و كنت أخاف أن أخرج يوما وحدي فأضيع الطريق. كنت أظن بلدتي التي أقطنها عالما كاملا ، و العالم الذي أراه في التلفاز اعتبرته خيالا لا يمكنني أبدا بلوغه أو ربما كوكبا آخر خارج مجرتي أنا و عائلتي . ظننتني أكتفي بمعرفتي لعالمي الصغير هذا و العالم الخارجي البعيد عني كل البعد لم يكن يعنيني.
كن ألا ترون اليوم أنّ شبكات التواصل الإجتماعي برمجتنا و جعلت محادثاتنا مبرمجة؟؟! و كأنه لا يكفي أن غيرت حياتنا و جعلتنا نبتعد عن بعضنا البعض حتى تضع لنا نصا نتبعه دون أن نشعر. و لأننا لا نريد أن نقول نفس الجمل أو أن نسأل بعضنا نفس الأسئلة اكتفينا بعدم الحديث.
أصبحنا مضطرين إلى تنزيل أي تطبيق جديد للدردشة و إلا فسوف نكون متأخرين عن العالم و سوف ننعت بال"old fashion" .صحيح أنّ الأنترنت سهّلت علينا الكثير من الأعمال و هذا أمر مفيد. كذلك شبكات التواصل الإجتماعي قربت إلينا كل من هو بعيد فقد أصبح من الممكن لك أن تحادث أشخاص تعرفهم ولا تعرفهم من كافة أنحاء العالم. والمشكل أننا أضحينا نقضي ساعات على الهاتف نحادث أشخاص لا نعرفهم و نستمتع بذلك بينما نكون جالسين مع أفراد عائلة لا يعلم أحد منا أخبار الآخر. المزعج في هذا الأمر أن حتى القلائل منا المعترفون بخطورة الوضع نظطر إلى استعمال الأنترنت فقد أصبحت الحياة لا تطاق من غيرها،و أضحى من الصعب قضاء حوائجنا على الطريقة التقليدية.و هذا ليس بخطأ بل علينا جميعا الإستفادة من التطورات ما دامت لا تضرنا.
و لكننا دون أن نشعر أصبنا بتلك العدوى التي أسميها بعدوى قلة الكلام.
اليوم أصبحت الرسائل مجانية و كذلك المكالمات و لكن|نا فقدنا الرغبة في مراسلة أو الأتصال ببعصننا رغم أننا حملنا على الأقل ثلاثة أو أربعة تطبيقات للتواصل الإجتماعي. هذه التطبيقات التي جعلت بالأساس للتقريب بيننا للأسف قتلت كل فرص التواصل بين الجميع. لست أتحدث عن نفسي بل أعلم و متأكدة أن هذا المرض قد أصاب الكثيرين منا و حان الوقت لكي نجابه هذه الشبكات و أن نمنعها من التحكم فينا و في علاقاتنا لكن من أين يجب أن نبدأ ؟؟؟أرى أنه من الأنسب أن يبدأ كل منا بتغيير نفسه و لنفكر بالغد.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات