هذه التدوينة تحكي حوار كاتبة مع نفسها تعاني من أزمة في الكتابة بسبب ما تجده من أراء سلبية في المجتمع أفقدها الثقة وجعل أصابعها تتصارع عند الكتابة




حوار مع النفس – معاناة كتابية


ها انا ذا أبدأ أولى حواراتي العبثية ذاتيًا، أحاول محادثة نفسي التي بداخلي.. أجتذب منها كلماتها المبعثرة التائهة بصعوبة، فهي تعاني الآن من خلل في التعبير عما تشعر به، عما تريد قوله، عما تحبه حقًا! لكني أخيرًا نجحت في الإمساك بطرف الحديث ليبدأ حوارانا بكلمات مشتتة أكاد لا أجزم ماهيتها هل هي وجودية أم عبثية؟!


الآن نفسي بصدد تدوين كلمات جديدة لكنها عادة تكون غير راضية عما تنتجه فما كان يكتبه عقلها لا يقارن بهذا الهراء! تتصارع أصابعي عند الكتابة، عواصف من الكلمات والأفكار تهيم داخل عقلي لا أستطيع التقاط أي منها.فبدأت التساؤلات الوجودية .. لماذا تعصف الكلمات هكذا وقت كتاباتي، ففي حالات الثبات والسكون ، والتفكير المفرط يكاد عقلي يصدر الكثير من المقالات المرتبة والسيناريوهات العبقرية التي قد تحقق أعلى المبيعات والشهرة الواسعة إذا ما تم طرحها بالأسواق. لكن كوني أتركها دون تدوين يعتبر بمثابة ترك ورقة شجر وسط العاصفة، إما عليك أن تثبتها بقوة، أو عليك توديعها للأبد فأنت لن تراها ثانية.

فعندما تأتي الفكرة والإلهام اكتب .. خيرًا من أن تُقدم على الكتابة ثم تحاول أن تأتي بفكرة!

ثم يحضرنا سؤال عبثي.. هل عقولنا تكتب أفضل أم أصابعنا؟ وهذا هو جوهر حوارنا .

معرفة الإجابة كانت تكمن وراء صراع الأصابع.. نحن الآن على وشك معرفة الحقيقة.


بدأت النفس تحكي لنا عن سبب صراع الأصابع، وتبوح وتكشف عن أسرارها وما يدور فيما بينها وتحكي لنا عما ينتابها من مشاعر...


تخيل معي أن تكون محاط بمجتمع عبثي يتزعمه الناقد السلبي صاحب النقص الداخلي الذي يسقط عليك ما كان يعانيه من كون بعض أعماله لم تنل إعجاب الكثير، كونه تعرض لنقد سلبي أثر عليه في يومٍ ما، أو كونه تتملكه النرجسية وشعوره بالأفضلية دائمًا وابدًا ولا يرى أفضل من أعماله وأفكاره فهو لا يوجد منه نسختين وهذا فضل من ربي فنحن لا نستطيع تحمل نسخة واحدة فما بالك من اثنتين؟!

ثم نصطدم في هذا المجتمع بمجادل الصحراء فارض الآراء: نعم إنه مجادل الصحراء حيث أنه إذا كان في الصحراء وحيدًا ولم يجد من يجادله من البشر أو أي كائن حي بإمكانه مجادلة اللاشئ وفرض رأيه على الرمال مثلًا. فما بالك إذا تجادل معك فهو لن يتركك إما معتنقًا لرأيه أو معتنقًا لرأيه لا ثالث لهما .. ففي هذه الحالة عليك الهروب سريعًا والتصديق على كلامه دون أن تتأثر به داخليًا فهذا لسلامتك النفسية والجسدية.


المثقف المتعجرف أو محدثي الثقافة: لسنا جميعًا مثقفون .. لسنا جميعًا على نفس الدرجة من الثقافة، لسنا جميعًا معتنقون النوع ذاته من الثقافة فمنا المثقف فنيًا وأخر أدبيًا وآخر رياضيًا وغيرها الكثير والكثير .

مع مثل هذا النوع يمكنك سماع كلمات مثل : أتعرف أنت عن كذا لتتحدث عنه ؟! .. كيف لك أن لا تعرف عن كذا حتى الآن؟! أو قد يتم تجاهلك أو قد تصيبك لعنة اختبارات الثقافة المفاجأة .. أتعرف قصيدة كذا وقد يكون على علم إنك لا تعرفها ولكن هذا الشيء سيشبع رغبته المتباهية وشعوره المؤقت بالانتصار.. نعم سيكون مؤقت لأنه قد تمر بهذه الاختبارات مرات عدة .. حينها يمكن أن تبادله بمعلومة حول لعبة الصفع على الوجه ويمكنك تجربتها معه فليس عليك حرج فهي أصبحت منتشرة دوليًا وهو يستحقها.


أما عن محدث الثقافة فهو حقًا مضحك: هو مدعي الثقافة الذي يقوم بالتعديل على حديثك بمعلومة خاطئة ليحظى بشرف اثبات أنه مثقف وأنه يمارس طقوس تصحيح مسار الثقافة والمثقفين من حوله ويسقط عليك شعوره بقلة الخبرة ونقص المعلومة. المعجب الصامت: هو في الحقيقة ليس إعجاب شخصي لكنه إعجاب بما تقدمه أو تقول، لكنه سينكر ذلك ويتظاهر باللامبالاة، أو أنه غير مهتم بما تقدمه لعدم أهميته ، وحتى لا نلقي اتهامات ظالمة عليه فهو قد يعاني من بعض الكسل في إبداء الرأي والإعجاب أو ممن يؤجل أبسط الأشياء لوقت لاحق فيظل صامتاً لحين إشعارٍ آخر، وفي حالات آخري يفضل صمته تجنبًا للجدل والخوض في الأحاديث المارثونية الطويلة فهو لا يكترث لقول رأي قد يعرضه لإرهاق نفسي.


الدعم المشروط : ادعمني اليوم أدعمك غدًا، قد تقابل الأشخاص الذين يدعمونك اليوم مقابل أن تدعمهم غدًا فهم لا يعرفونك ولكن يدعمونك لترده لهم عند الحاجة وهو شئ مباح عند تكوين قاعدة جماهيرية .


الصادقون: وهم الأشخاص الداعمون حقًا الذين لا ينتظرون مقابل، يشجعونك بكل حماس وحب يتمنون لك الأفضل دائمًا ،وعادة ما ستجدهم في الأسرة و دائرة الأصدقاء الحقيقين المقربين.. لهم منا كل الحب والتقدير .


هذا المجتمع المحيط هو السبب وراء صراع الأصابع، هو ما يفقدها صوابها فتكتب وتمسح وتتوتر وتفقد حماستها وثقتها فيما تكتبه ثم تعيد التفكير لتقرر أن تعيد كتابتها فهي حقًا جيدة لتتردد مرة أخرى وتصارع إحدى الأصابع الأخرى لينتهي هذا النزاع المعهود عند كل كتابة إلى قرارين:

الأول: أنا لا أقوى على مجابهة هذا الصراع الذي سألقاه عند طرح أفكاري ورأيي وكتاباتي فالأفضل لها أن تظل في طي الكتمان، لا تري النور الذي سيلوثه ضباب النقد والسلبية ، و لكن حينها سأظل في نفس المرحلة، لن أتقدم خطوة إلى الأمام.

الثاني: سأكتب رغمًا عن ما قد يحيط بي وما قد ألقاه من انتقادات وآراء.. سأتحدى خوفي من الظهور على الملأ واعتلاء كلماتي المسرح، سأجمع ما ألقاه من نقد وسلبيات وأحولها لدافع للنجاح وليذهب الخوف والتردد إلى الجحيم.


وأخيرًا دعني أوضح لك حقيقة الأصابع فهى في الواقع تمثل صراعك الداخلي تعكس شغفك وطموحك وخوفك وترددك وكيفية تأثير المجتمع العبثي عليك!

فأنت أقوى من السماح للمجتمع بأن يتخذ قراراتك بدلًا عنك.. أنت فقط من تقرر .

فالمجتمع قد يحاول بشتى الطرق ومختلف شخصياته أن يقنعك بصورة مختلفة عنك، أن يفقدك جوهرك ويغير من قناعاتك وأفكارك عن نفسك.. لتجد أنك أصبحت صورة منهم دون أن تشعر وتعتنق أفكارهم ومعتقداتهم.


ٌRana El-Badry

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

رائع

تدوينات من تصنيف تحفيز

تدوينات ذات صلة