وأصبحت أكتب لذاتي أولاً مع وضع لافتة علي كتابتي " ممنوع الأقتراب للأبد "




قرأت يوماً بأن " الكتابة دواء لمن لا دواء له " فدونتها كما هي في أولى صفحات دفتري الخاص، وتشكلت لدىّ قناعة بأن كُل إنسان منّا لدية القدرة علي الكتابة، ربما كتابة ما يختلج في صدره من مشاعر، أو كتابة ما يدور في ذهنه من أفكار.. فمهما أختلفت المفردات المستخدمة فالكتابة مرأه الفكر وأداته ووسيلة من أهم وسائل تواصل الجنس البشري.


في المرحلة الثانوية عبرت عن مشاعري لصديقتى المقربة وقتها بكتابة بعض الكلمات في دفترها – فأنا لا أستطيع التعبير عن مشاعري لأي شخص وجهاً لوجة - وظننت أن كلماتي قد تلمس قلبها وكأنها نسمة رقيقة رطبة وتكون ذكري هنيئة تمر بخاطرها فتُبهجها من حين لأخر، فسخرت منى ومما كتبت أمام جمع من البنات داخل الصف، فاحتميت بالصمتي ورسمت إبتسامة بلهاء فقط ليمر الموقف بهدوء دون ضجيج تذكره إحدهن فيما بعد، و مع إصدار قرار من عقلي بعدم الكتابة مرة أخري مهما حدث !


ومع مرور الوقت لم أنفذ القرار فدائماً للقلب أسبابه التي لا يعلم العقل عنها شيئاً، وأصبحت أكتب لذاتي أولاً مع وضع لافتة علي كتابتي " ممنوع الأقتراب للأبد " حتي درست بأخر صف في الجامعة مادة بعنون " الكتابة الإذاعية والمرئية " ركز فيها الدكتوربشكل أساسي علي تعليمنا كيفية كتابة القصص الإخبارية .. وكاد يفقد الأمل فينا بعد شهرين متتابعين من الشرح والتعب لم يجد قصة إخبارية واحدة تذهب بذاك التعب أدراج الرياح.


وكعادتي في مساء إحدي الليالي خرجت من غرفتي علي صوت نشرة الأخبار للمتابعة الروتينية فقط، وإذا بي لم أحرك ساكناً من هول ما رأيت فحرمة المسجد الأقصي تًنتهك ونحن لا نُبالي، ونظرات الوداع، وتشيع الجثامين، وأُمهات ثَكَالى، والتعدى علي المرابطين، وهدم منازل عائلات الأسرى ....إلخ ورغم كل ذلك لم يتغير نمط الحياة لدينا.


فأمسكت بقلمي وقررت أن أكتب عن ما يحدث هناك – بفلسطين - بإيجاز كما تعلمت في صف الكتابة وهذة المرة لن تكون كلماتي حبيسة دفتري وسأطلق سراحها في المكان المناسب، وفي صباح اليوم التالي وفي نفس صف الكتابة كان كل شئ يسير كعادته علي ما يرام، والدكتور يبحث بداخلنا عن قصة ما - ولا يشترط هذة المرة الإبداع – رفعت يدي وقلت بحماس لدي شئ أرغب في إلقائة علي مسامع الصف بأكملة، إبتسم وأشار إلي أن أقف مكانه وأقول ما لدىّ .. سحبت دفتري ووقفت بكل ثقة ليس لشئ سوي تغير بعض ملامح هذا العالم الصغير.


وفي دقيقة واحدة شرحت ماشاهدته بالأمس علي شاشة التليفاز ، فالكلمات يمكن لها أن تُوقظ القلب الميت كما حدث في صفي، شاهدت علامات التأثير والحزن علي ملامح البعض .. ورأيت آخرين تتحرك أفواهمم متمتمة بالدعاء، وهناك من قام بمبادرة لتنديد بما يحدث في فلسطين علي مستوي الجامعة، وهناك من كتب منشور علي صفحته علي وسائل التواصل الإجتماعي عن حقنا في الدفاع عن الأرض، المهم أن الصنم تحرك وخرج عن صمته حتي لو لم يحدث تغير عظيم تجاة القضية الفلسطينية ..فالكلمة تُحيي القلوب وتُحرك الأبدان والعقول. " فا في الكتابة حياة للحياة "

إقرأ المزيد من تدوينات ندى عبد الكريم البنَا

تدوينات ذات صلة