فتاة جميلة ضحية نفسها و معتقداتها أو ضحية تفكريها السطحي و نفسها الضيق
كلنا ضحايا دون أن ندري، معظمنا يحب أن يكون ضحية دون أن يعي ذلك، وأغلبنا يتقن الدور فعلا فيصبح ضحية لنفسه بعد أن كان يعتقد أنه ضحية الاخرين.سأقدم لك مثالا أيها القارئ:لدي صديقة جميلة المظهر عذبة اللسان كثيرة الكلام وسريعة التأثر، لكنها دائمة الشكوى والتذمر والتشاؤم، فهي تعتقد أن أي كلام مشبوه هو موجه إليها، كل حركة غير مقصودة من أحدهم هي لها دونما شك، فوجدتها تعادي الكل دون سبب منطقي؛ لكن حسب منظورها الفريد الغريب فإن أسبابها حقيقية جدا. وإليك عزيزي القارئ بعض منها:تلك الفتاة التي تستقل معنا الباص يوميا لتكرهني؛ بتوكيد اللام؛ وأعتقد أنها ستؤذيني يوما ما. ألم تلاحظي كيف أنها لم تلق علينا السلام يوما، ولم تكلف نفسها عناء التحدث إلينا مطلقا...؟في هذا الموقف العصيب، كيف أشرح لصديقتي أنها تنتظر تصرفا لطيفا؛ إن لم يكن مائع اللطافة؛ من شخص لا تعرفه أبدا، فقط لأنها تعودت ذلك من خلال الأشخاص المقربين إليها أو حتى ممن تربطهم بها علاقة سطحية جدا؟ كيف أوضح لها ألا تحكم على الناس بمنظورها الشخصي فقط وبنظرتها للحياة المتقزمة، ألا تحكم على نفسها بالحزن والتذمر بسبب أفكار في مخيلتها هي فقط، ولا علم لأحد بها، وبسبب سيناريوهات اخترعتها وصدقت وجودها بالفعل؟كيف يمكنني تفسير كون لباسها الجميل المتناسق وقوامها الرشيق وملامحها الجميلة، يثير إعجاب مستقلي الباص البسطاء، فلا يملكون سوى النظر بإعجاب إليها؟ هي لا تعرف أن كل الركاب ينظرون إليها، لكنها ركزت على الفتاة بشكل رهيب. ألم يخطر ببالها أن تلك الفتاة التي وضعتها في قائمة الأعداء، لا تجيد الابتسام في الباص وقد أتقنت الوجوم حماية لنفسها من كل تحرش، أنها لا تتحدث إلى الغرباء، أنها لا تحب التكلم كثيرا وتفضل العزلة؟طبعا صديقتي العزيزة لا تحب سماع مثل هاته الأشياء السخيفة، وإذا ما سمعتها مني فإنها ستعاديني و تمهر قائمتها السوداء بإسمي.بعد مشوار الباص المهيب الرهيب، نصل أنا وصديقتي إلى منزلنا المشترك، لتبدأ روتينها المسائي الذي يثير أعصابي حقا، فتبدأ بالثرثرة وتحليل تصرف كل عابر سبيل مسكين قابلناه في طريقنا صدفة أو عن قصد. ستبدأ بندب حظها العاثر لأن تقريرها لم ينل إعجاب المدير، وكيف أن هذا الأخير شخص استغلالي وذو نفوذ لا يعرف عمله جيدا، وكيف أنها هي موظفة مسكينة تقدم أفضل ما لديها في العمل، لكن لا أحد لدية القدرة الخارقة لاكتشاف كفاحها ونضالها.وعندما ينتهي حديث المدير، تنتقل إلى "مهى"، زميلة الشغل التي اقتنت هاتفا جديدا باهظ الثمن، ومعطفا فاخرا، في حين أنها هي الفتاة التعيسة المسكينة لم تغير هاتفها منذ سنة، ومر على اقتناءها معطفا جديدا ما يزيد عن ثلاثة أشهر.وهاهي تتخذ مكانها المعتاد أمام التلفاز وتتكور على نفسها متدثرة بغطاء صوفي، هاتفها بيدها، وعنقها يتدلى نحو الأسفل في محاولة منها لإبراز نفسها كضحية مسكينة... طبعا أنا لا أستطيع القيام بشيء يخرجها من وضعيتها تلك، فهاتفها يتولى ذلك ما إن ترى أن صورتها على الانستغرام بلباسها الجديد حازت على عدد إعجاب كبير مقارنة بصورة "مهى" وهي ترتدي معطفها الفاخر.ملاحظة: الشخصيات خيالية بما فيهن الكاتبة باعتباري عاطلة عن العمل ...
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات