طفل لا يأبه بهموم الدنيا، وشاب يسعى لتحقيق احلامه الوردية، وكهل زهد في الدنيا بعدما رآى منها كل ما يمكن رؤيته، ثلاثة يعيشون معا داخل جسد واحد
طفل صغير يسعد بأقل الأشياء.. بحضن صادق أو مداعبة لطيفة أو قطعة حلوى تنم عن اهتمام مهاديها..
طفل نقي تملؤه البراءة يحب اللعب والمرح.. لا تثقله هموم الدنيا..
وشاب في عمر الزهور يخطو أولى خطواته في عالم الكبار تملأ الأحلام الوردية قلبه وعقله.. يطمح أن يعيش في أفضل حال.. لا يريد من المال ما يملأ به حقائباً فقط يرغب فيما يمكنه من تحقيق أحلام الصغيرة ويؤمن له حياة كريمة.. قلبه بريء وروحه صفيه.. لكن تروس الدنيا ستغيره مهما كان.
وعجوز كهل قد وصل من العمر أرذله.. فصار زاهدا في الدنيا فقد رأى فيها كل ما قد يرى الإنسان.. رافق غنى النفس وغنى المال كذلك.. ذاق من الدنيا حلوها ومرها.. جرب التلاقي والوداع وحتى الفراق غير مسبوق الإنذار.. رأى كل ما في الدنيا من علاقات وأحداث.. الا حادثة واحدة.. واحدة فقط لم يسبق له تجربتها.."الموت".
فصار ينتظر ضيفه الثقيل وغير المرغوب كل ليلة.. ينتظره منذ أن يصبح حتى يغلبه النعاس في المساء في خلد إلى فراشه ظانا أنه لن يصحو، ينتظره وهو مدرك أن كل تلك العقاقير والاستعدادت الطبية الموجودة حوله لن تقدم الموعد المحدد ثانية أو تؤخره..
يعلم أن هذه هي سنة الحياة التي فطرت الدنيا عليها.. وما بيده حيلة لمواجهتها سوى أن يملأ وقته بالعمل الذي خلق من أجله.. بعبادة الله..
ثلاث اشخاص يجمعهم قلب بريء وروح صفية.. يجمعهم التسليم بقدر الله خيره وشره.. ثلاثتهم يعيشون معنا جميعا.. يعيشون فينا..
أنت ذاك الطفل البريء ذو الفرحة الرقيقة والعيون اللامعة عندما تلاقي أحد تحبه أو تسعد باقتناص بعض الوقت لنفسك فتلهو وتمرح وتفعل ما تحب فتعيد روحك إلى كونها طفلة صغيرة.
وأنت ذلك الشاب الطموح المملوء قوة وعنفوان.. مستعد ليواجه كل الصعوبات لينل مراده.. ليصل إلى مبتغاه.. في عمله أو في اختيار مسار حياته وشريكها..
وانت هذا الكهل في أوقات حزنك وحمل كاهليك لهموم الدنيا حينها تزهد في الدنيا وتسندك ذكرياتك الجميلة حتى تجد ما يعيد بناء روحك ويرممها فتسعد وتعود ذاك الطفل وتجد الطاقة التي تكمل بها السباق في مضمار الحياة فتغدو ذلك الشاب.. وحتما ستقابل صعوبات وصخور تعثرك وقد تحطمك فتمسي هذا الكهل وهذه هي دورة الحياة..
في كل يوم نصحوا فيه علينا أن نتبع تلك الدورة ونمتثل لقوانينها ونختار بأي من الأشخاص الثلاث سنواجه أحداث اليوم؟
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
مقال في غاية الروعة👏🏽