قصة تشرح مرض نفسي يدعى السكتزفرنيا او ما يسمى بالفصام واعراضه وما يصاحبه من هلوسات قد تدفع صاحبها للانتحار

في الواحد وعشرين من عمري جربت طعماً مختلفاً ل الرعب فلم تعد تخيفني حكايا الأرواح الشريرة وعوالم الجن والظلام

وفجأة... وجدتني اخاف من شيءٍ أكثر رعباً وهو الرعب النفسي .. لا أدري كيف بدأت القصة ولكنها تستحوذني الآن .



الرعب الذي يجعلني أخاف من الجلوس مع نفسي ومع أفكاري أخاف منها ومن سماعها..

كان المساء معتقلاً لروحي ... فكلما جاء الليل ..سكنت الحياة كلها ... واستيقظ ذلك الصوت الذي أبغضه ...حاولت مراراً إسكاته رفعت صوت الموسيقى بجانبي كي لا أسمعه ، وأجريتُ عدةَ مكالماتٍ هاتفية لكي أسمع أي صوتٍ إلا هو ...


ولكن ، حقاً لا شيء يسكته أو يخفض صوته ، فصرير همسه يمزق أذناي ، ويراودني دائماً سؤال ، كيف نسكت الصوت اذا كان من الداخل ؟

كيف نقتلُ وحشاً يعيش بدواخلنا ؟


هذا الوحش الذي يدعى نفسي ، يجترني للهاوية ، يتلذذ بتعذيبي ويراقبني أحترق بصمت يجالسني طوال الليل ، وينظر إلي باستماته طوال النهار ، يلازمني أكثر من ظلي ..


حاولت أن اتجاوزه مراتٍ عدة فقدأخبرني الطبيب انه مجرد وهم يكبر بداخلي كلما شعرت بالخوف وأن علي تجاوزه ونسيانه ...وكيف أنساه وجميع من حولي يذكرني به ؟


يسألني الناس باستمرار عنه بسؤالهم ما بال السواد تحت عيناك ؟

كيف أخبرهم انني لم أنم منذ أيام اُراقب الوحش الذي يراقبني وأستمع ل الشخص الذي لا يستمع إلي ... .


ويسئلون ما بالك تبدو قلقاً ؟ يبدو عليك التعب ..

كيف أُخبرهم أنني خضت عراكاً شرساً معه ليلة أمس أقنعه أن يتركني بمفردي ، لكنه يأبى إلا بأن يتغذى علي ... .


و كثيراً ما يسئلون ما بالك تبدو نحيلاً ؟

كيف أخبرهم أنه يلتهمني كل ليلة .... لم أعد أشعر بأطراف أصابعي ..حتى شعري أخاله حلواه المفضله فهو ينسل الكثير منه كي يأكله .....

أما عن مفاصلي ، فأظنه يحبها طازجة و طرية ومملوئة بأعصابي التي يتلفها بلا رحمة ...



على أيةِ حال ، أريد إخباركم بشيئٍ جميل ومطمئن ، هذا الوهم لا يستطيع الخروج للخارج .... أعتقد أنه انطوائيٌ أكثر مني ... ولكنه يمارس سطوته المفرطة عندما نكون وحدنا

يجلدني بسياط صوته جلدةً تلوَ الأخرى ...وأثناء جلده يدندن موسيقاه المفضلة التي حفرت على جدران جمجمتي كان ايقاعها هكذا ...

انت لا شيء .... لاشيء لا شيء

لم ولن يحبك احد... ستعيش وحيداً وستموت وحيداً ...

ترانيمه هذه تخنقني الى حد الجنون ، لا بل وابعد من ذلك حد الانهيار .


طال الامر ... أردت أن اصل معهُ إلى حلٍ سلمي ... فقد استنزفني بالكامل .... وشوشني بصوتٍ منخفض ... اذا أردت أن أرحل عنك سأفعل ولكن بشرطٍ واحد ، بأن يذهب كلانا ...

كان هذا الخبر مفرحاً ولكن محفوفا بالخوف ... فلم اكن افهم ماذا يقصد ولكن كل ما كان يهمني في الامر أنه سيرحل ... فوافقت أيا كان الثمن ...


بدأ باخباري بالصفقة ... طلب مني حبلا وكرسيا ... وطلب أن لا أطيل التفكير ... قال لي دعنا ننهي المهزلة .. فجسدك لم يعد يغويني فقد انطفئت بالكامل أُريد روحا شابة اتلذذ بتدميرها من جديد ...


قال بصوته الحاد ...لف هذا الحبل كمل تلف خيباتك كل ليلة ، بحزنٌ وحِرص ... جيد أحسنت ... ثبت هذه العقدة في سقف الغرفة ... جيد أنت تبلي بلائاً حسننا ...

فلتصعد على الكرسي ... رائع

نظر الي بإستماتة وقال الآن لن اتفوه بكلمة ، افعل ما تشاء ... ولكن اعدك بأنك لن تسمع لصوتي بعدها أبداً...


......



عم الصمت لثوانٍ معدودة ... ومن ثم صوت ارطتامٌ للكرسي على الارض ...وجثةٌ معلقة ، ووهمٌ طليق يبحثُ عن فريسةٍ أخرى ...


أغلقو أبوابكم جيداً يا سادة ، فالوهم متعطشٌ طليق ....


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات هنادي الرفاعي

تدوينات ذات صلة