نستعرض أسباب عزوف الطلاب عن الكتابة باللغة العربية ، ولماذا حصة التعبير الكتابي تعد مملة بالنسبة للعديد منهم.

تزخر المكتبة العربية بالكثير من الكتب الهامة التي تتناول استراتيجيات القراءة والكتابة بشكل مفصل وشامل لجميع الجوانب ، وهي تعد مرجعا لا غنى عنه للباحثين والمعلمين والقراء المهتمين بالقراءة والكتابة حيث تؤسس قواعد راسخة لتدريس هاتين المهارتين على النحو الصحيح.


هدفي من نشر سلسلة المقالات هذه ليس تعليم الكتابة فهناك كتب متخصصة تعنى بهذا الشأن ، وإنما تزويد جميع المعلمين وليس فقط معلمي اللغة العربية بأفكار وأنشطة ممتعة لترغيب التلاميذ في الكتابة في حصصهم، حيث يتوجب ممارسة نشاط الكتابة في جميع المواد الدراسية وليس في مواد اللغات فقط إن أردنا تحسين مهارات الكتابة لدى التلاميذ، ويمكن عمل ذلك من خلال تحقيق التكامل والاندماج بين المواد الدراسية التي تدرس باللغة العربية.


كنت وما زلت أعشق اللغة العربية ، وأدين لمعلماتي- اللاتي كن سابقات عصرهن- بالكثير، حيث تعلمت على أيديهن مهارات اللغة وذلك لأسلوبهن الشيق وعلمهن الغزير والتزامهن الدائم بجودة التعليم استشعارا منهن بالمسؤولية الملقاة على عاتقهن.


الآن نجد اللغة العربية في موضع الاتهام ومن أبنائها مع الأسف بأنها لغة صعبة وجامدة وليست سهلة وممتعة بما فيه الكفاية كاللغة الإنجليزية مثلا. من خلال تعليمي في المدارس الأجنبية وثنائية اللغة وجدت أن من الأسباب التي أدت إلى عزوف الطلاب عن القراءة والكتابة باللغة العربية أن الغالبية العظمى من معلمي اللغة لا زالت تتبع أساليب قديمة عند تعليم المهارات المختلفة للغة العربية والتي أصبحت لا تتناسب مع متطلبات وتطلعات الجيل الحالي من المتعلمين ناهيك عن إغفال بعض المعلمين لدمج التكنولوجيا في تعليم مهارات اللغة مما ولد نفورا تجاه اللغة وخلق جفاء بينها وبين أبنائها.

من جهة أخرى ينبغي علينا الفخر والإشادة بجهود المعلمين الذين يسعون دائما إلى تحديث وتطوير أساليب تعلم اللغة العربية مما أدى إلى عشق طلابهم لها من خلالهم.


ما زال بعض المعلمين ونحن في القرن الحادي والعشرين يطلب من المتعلم كتابة تعبير تحت عنوان:( ماذا فعلت في عطلتك الصيفية ؟ اكتب عن الرياضة وأهميتها و...…الخ)، ليقوم الطالب بعدها بكتابة الموضوع ملتزما بالعدد الذي حدده المعلم من الأسطر وتبدأ حتما رحلة الملل والشعور بثقل المهمة ، لماذا؟

هناك عدة أسباب:

أولا: إخفاق المعلم في إنشاء رابط بين الموضوع الذي يتوجب على المتعلم كتابته وبين مشاعر المتعلم، حيث تعد المشاعر الدافع الأول للكتابة ، فلا تعني له الكتابة شيئا في هذه الحالة - وإن أحسنها- لأن الموضوع لا يهمه ولا يستثير مشاعره فيقوم به فقط إرضاء للمعلم و أداء للواجب ، ومن أجل نيل الدرجة.


ثانيا: عدم إشراك الطلاب في اختيار الموضوع أو آلية الكتابة مما يؤدي إلى إحساس الطالب بأن الموضوع مفروض عليه فينفر منه، وربما كانت المواضيع مكررة وقد سبق للمتعلمين الكتابة عنها في السنوات السابقة فيشعر الطالب بأنه لا حاجة لبذل جهد حقيقي في الكتابة فقد سبق له فعل ذلك.


ثالثا: الاكتفاء بالأساليب التقليدية في تعليم مهارة الكتابة وعدم اتباع أساليب جديدة فيقارن الطلاب اللغة العربية باللغة الإنجليزية حيث الأنشطة متنوعة ومبتكرة ، والمواضيع حيوية ومرتبطة بحياة الطالب وتمس واقعه فيكتب المتعلم ما يجول بخاطره معبرا عن رأيه بحرية ودون خوف. هذا الأمر يجعل أفكار الطالب مرئية بالنسبة لمن يقرأ نتاجه وأولهم المعلم ، والذي يتعرف بدوره إلى أفكار الطالب ومشاعره وأحاسيسه، مما يخلق رابطا قويا بين المعلم والمتعلمين و يؤدي إلى نشوء علاقة إنسانية مميزة بين المعلم وطلابه.


رابعا: إصرار المعلم على تأطير عملية الكتابة بشكل كامل وعدم منح الطالب الفرصة للإبداع والابتكار.


خامسا: أوراق العمل غير جاذبة وفي كثير من الأحيان -خصوصا في المراحل الأعلى من التعليم- يتم إغفال أهمية إدراج الصور والرسم في النشاط الكتابي، مما يفقد الكتابة الكثير من حسها الإنساني فيفقد الطالب ارتباطه بها وتقل دافعيته للكتابة.


لا بد أن هناك أسبابا أخرى كثيرة لا مجال لسردها الآن ولكن وجدت أنه من الضروري أن نشجع الطلاب على الكتابة باللغة العربية بطرق جديدة أكثر إمتاعا وإبداعا.


في مقالاتي القادمة سأشارككم العديد من الأنشطة الكتابية التي قمت بها مع طلابي خلال عملي مع معلمات اللغة الإنجليزية ، و مع معلمات ومعلمي اللغة العربية الذين أعمل معهم حاليا ، وكذلك الأنشطة التي تعلمتها أثناء دراستي لماجستير التربية ، وحضوري للعديد من المؤتمرات وورش العمل والدورات التدريبية التي تعنى بمهارات اللغة سواء العربية أو الإنجليزية.

المصدر: كتابي ( حان وقت الكتابة )

حسابي على الانستغرام:

monasukkarcoach

قناتي على اليوتيوب:

الكاتبة والمدربة منى السكر- ابدأ بتأليف كتابك الأول الآن


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

أجدتِ وأحسنتِ في طرح الموضوع ، وأوافقك جدًا في أن المعلم قد حصر الطالب في عناوين محدودة ، وفضاءات ضيقة ، فلا يكاد يحلّق الطالب في خياله إلا ويفجع بالعنوان التقليدي ومساحة الكتابة الخانقة ، التي حرمته من التفكير خارج الصندوق....ولكن برأيي هناك مسؤولية تقع على كاهل الطالب الذي يزهد بالقراءة والمطالعة ، فنجده يفتقر لأدنى مقومات الإبداع ، ويعجز عن الصياغة نظرًا لقلة مخزونه اللغوي.

إقرأ المزيد من تدوينات منى سامي السكر

تدوينات ذات صلة