مشغول...لا يوجد وقت...كان يوماً شاقّاً في العمل...
قبل أشهر من اليوم كانت أول ردة فعل لأي تغيير بسيط أو إضافة جديدة في الحياة اليومية هو التأجيل ، ولا يقف التأجيل على مرة واحدة بل يتعدد ويتعدد وينتهي بعدم القيام بأي شيء لأن المبرّر الذّي يتصدّر كل الردود هو : لا يوجد وقت !
إلى أن جاء هذا الوباء والذي فرض عليك البقاء في المنزل وخلق لك متّسعاً من الوقت يكفي للقيام بكافة الأعمال التي قمت بتأجيلها منذ الطفولة ، ولكن للأسف اتضح لك ولي أنك أنت سبب المشكلة : فالوقت بين يديك ولا توجد ضغوطات عمل أو ساعات طويلة في القيادة أو حتى مناسبات عائلية ... ولا زلت في مكانك لا تقوم بشيء سوى التأجيل كذلك : " لبعد الكورونا إن شاء الله" !
24 ساعة من الفراغ أو من الإنجاز الخيار هنا بين يديك كان منذ شهور "ولا زال" فالأزمة لم تنتهِ بعد (راجين من المولى أن تنتهي في القريب العاجل) وهنا دعوة لاستغلال كل ثانية وكأنها أول و اّخر فرصة أتيحت لك في حياتك ... اّن الأوان لتُنزل كل المهام المؤجلة عن الرّف و تمسح عنها الغبار وتبدأ ...
أول الخطوات أصعبها ... فالروتين الذي يقتصر على الثلاجة...السرير...الكنبة...الهاتف ، لا يقارن أبداً بروتين فعّال و مليء بالإنجازات ... فالأول أسهل وأبسط وستجد لنفسك ألف مبرر للبقاء عليه قدر المستطاع : " إلي أكم سنة بصحى بدري ,,, إلي أكم سنة بطلع من الصبح على الشغل وبرجع المسا ... إلي أكم سنة مش ماخد إجازة طويلة" .
نعم، إنّها الإجازة الطويلة التي لا أحد يريد انتهاءها، و المخيف لو تخيّلنا أن يتأقلم ويعتاد الإنسان عليها ... أن يصبح روتين حياته الكسل و اللاشيء !
هنا نقف وقفة طويلة و نتأمل أنفسنا بعد أشهر...بعد سنين ... تخيلوا لو أصبح هذا التكاسل و التخاذل جزءاً منا...تخيلوا لو اعتدناه ... تخيلوا لو أصبح منهاجاً يفرِض علينا رَفض كل عمل يتطلب مجهوداً !
لماذا علينا شُكر كورونا ...
شكراً كورونا لمتّسع الوقت هذا الذي لطالما علّقنا عليه كل الأماني و المهامّ و ما إن أصبح بين أيدينا اكتشف بعضنا يقيناً أن المشكلة تكمن فيه لا في الوقت و سارع البعض الاّخر منجِزاً كل أمنية و مهمة كان وقته بالفعل لا يسمح له بالقيام بها.
شكراً كورونا ل "لمّة العيلة" التي لطالما استهان بها البعض لأنها روتين يوميّ ... و تمنّاها البعض الأّخر ولا يزال يحلم بها ليلاً نهاراً لتعود من جديد
شكراً كورونا لأن الذهاب للعمل و رؤية الأصدقاء كل يوم كان مملّاً... وأصبح اليوم حلماً و نحن على يقين بأنا عند عودتنا إليه سنحرص على ألّا نفارقه
شكراً كورونا لأن قضاء الوقت خارج المنزل في المول أو المطعم كان عادي جداً... و لمّا عاد كانت رؤيته عيد
شكراً كورونا لأنك هذّبتنا و قمت بتذكيرنا بالجزء المليء من الكأس ... بالكثير من النِّعَم التي كنا نظن أنها مجرّد روتين، أنها خالدة لا تزول
سيأتي يوم وتصبحين ذكرى جميلة بما أنجزناه ... مكلّلة بعطاء تقاسمناه...
وكما سرقتِ ال "الّلمة" و حضن لقاء الأحبة بعد الغياب ستقولين يوماً مودّعةً : "هذه بضاعتكم ردّت إليكم" و سنردّ : وداعاً بلا لقاء.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات