أتحدث عن السفر والغربة الحقيقية التي تترك أثرا واضحا في الروح
لحظات الوداع الأخيرة حتّى بتكرارها مع كلّ تذكرة طيران تبقى مُحتفظة بصعوبتها وتتزيّن بالدموع العالقة برمش العَينين، يحاول الإنسان جاهدا أن يخفف عن نفسه حدّة الشعور وما يتبعه من ألم، لكن شيئا ما في روحه يأبى أن يخضع للتخفيف، تلك الأيّام القديمة التي مَضت تقف على عتبة المطار تلوّح مُتزامنة مع كلّ حركة لكفّ اليَد،
"هَل ترجع الدار بعد البعد آنسة
وَهَل تعود لنا أيّامنا الأول"،
من يدري إن كانت ستعود أم تتغيّر للأبد، رغبة المغادرة والبحث عن فرصة أفضل تتلازم معها بطاقة مُعنونة بالفقد الجزئي، قُرب فيه مسافة من البُعد.
يظنّ الواحد منّا أنّه لا يحتمل كلّ هذا، ولكن يجد بعد ذلك أنّه تعوّد ومع مرور الوقت يدرك ما الثمن نتيجة تعوّده، يتصبّر باعتبار هذا قانون ثابت في الدنيا، ويعيش على أمل الرجوع وتبديل لحظات الوداع بلحظات لقاء، وما نحن بلا أمل؟ يسأل ويجيب ويسند هشاشة قلبه الغريب، ما من خيارات مُتاحة فيأخذ مَجده بالحيرة بينها، قرار عقلاني تُخالفه العاطفة نوعا ما.
مع كلّ نسمة حنين يمرّ على الخاطر أسمائهم؛ أولئك الذين يشكّل حضورهم فارقا حقيقيا لا قدرة على تجاهله، تبدأ الذكريات تُلحّ سريعة بلا توقف، يذكر المَشي ليلا في شوارع المدينة وكلّ الحكايات التي رواها وقتها، تعابير وجهه ونبرة صوته المُتكفلة بشرح مفردات لغته الغير واضحه، أو حتّى الاكتفاء بأنّه قريب، هذا القرب الذي يُقارب الإحساس بشكل أسهل.
حاول دائما أن تستأنس بأبسط الأشياء حولك، وكرر على قلبك همسات مليئة بالتفاؤل الطبيعي الذي يجعلك تشتاق لكلّ ما تُحبّه وتعترف لهم بكامل شوقك، لكنّك تبقى على أمل، وما نحن بلا أمل؟
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات