إلى أين سيؤول الحال نتيجة التعلم عن بعد؟ ما هي المشاكل الّتي تواجه التعليم عن بعد؟ هل هو عائق أم فعّال؟
في ظلِّ الأوضاع الرَّاهنة، والظُّروف الَّتي أجبرتنا على التَّعايش معها، كانَ التَّعليم عن بعد هو ما يُشغِلُ أذهانَ الطُّلَّابِ وأوليائهم.فإلى أينَ سيؤول الحال نتيجة التَّعلُّم عن بعد؟في الواقع إنَّ اللُّبس ليسَ في التَّعليم عن بعد كوسيلة، بل إنَّ المُشكلة تكمُن في كيفيَّة تلقِّي الطَّالب للمعلومة، وعن مدى إدراكه لكيفيَّة التَّعامل مع هذه الوسيلة. تكمن المُشكلة أوَّلًا في البُنية التَّحتيَّة، وعدم جاهزيَّة شبكات الإنترنت، لتحمُّل ضغط مئات الآلاف من الطُّلاب، لكنَّني أكاد أجزم أنَّها ليست المُشكلة الوحيدة الَّتي تُعيق المنظومة التَّعليميَّة في الأردن، فإنّ غياب أساليب الحوار بين الطَّالب والمُعلِّم هي واحدة من المشاكل الأخرى الَّتي تُعيق تلك المنظومة التَّعليميَّة؛ إذ تجد العدد الأكبر من المُعلِّمين يقومون بتصوير الصَّفحات من الكتاب المُقرَّر، وإرسالها للطُّلَّاب، بِلا شرحٍ أو إيضاح للمعلومات، فتجد الطَّالب مُشتَّت الذِّهن، يُحاولُ تجميع المعلومات المشروحة من هُنا وهُناك، الأمر الَّذي يجعل طريقة التَّعليم مُملَّة، غيرَ مفهومة. فإذا أردنا تحقيقَ المُراد من عمليّة التعليم عن بعد، علينا أوَّلًا حلُّ أساليب التَّواصل والحوار بينَ الطَّالب والمُعلِّم، عن طريق ابتداء الدَّوام المدرسيِّ للطُّلاب في موعدِه - إلكترونيًّا- وانتهائه في ذات الموعد المُحدَّد، كما لو أنَّ الطَّالب يتلقَّى تعليمه في الغرفة الصَّفِّيَّة، وأن يكون التَّعليم معتمدًا على توظيف عناصر الصَّوت والصُّورة. وطرح الأسئلة والتَّفاعل بينَ الطُّلَّاب والمُعلِّم هو الأسلوب الأمثل لجعل العمليَّة التَّعليميَّة مثاليَّة إلى حدٍّ ما.وإنَّ المُشكلة الثَّانية الَّتي نُواجهها، هي التَّعليم عن بعد لطلبة المراحل الأساسيَّة الأولى، هُنا نجدُ أنَّ الحِملَ الأكبر يقع على عاتِق الوالدين، فإنَّ طفلًا ما زالَ في الصّفوف الأولى غيرُ مُدرك لماهيّة الدّراسة عن بعد.
كيفَ يُمكِنُنا إيجادُ حلٍّ لِتلكَ المُشكِلة؟
بدايةً علينا تقديم الإرشادات، ووضع خُطَّة إستراتيجيَّة لذوي الطُّلاب، تتضمَّن آليَّة التَّعليم المُتَّبعة من قِبل المُعلِّمين، وتوضيح لآليَّة استخدام المنصَّات التَّعليميَّة عن بُعد. وإنَّ دور الوالدين المُكثَّف هُنا لا يُلغي أهمِّيَّة وجود المُعلّم، الّذي ينبغي لهُ أن يَقومَ بدورِهِ على أكمل وجه، ليسَ في الموادّ المنهجيّة وحسب، بل واللّامنهجيّة.أمّا المُشكلة الثّالثة وهي المُشكلة الأكبر، والّتي يُمكن أن تهدم المنظومة التّعليميّة في المملكة الأردنيّة الهاشميّة، هي ضياع وعي الطّلاب، خصوصًا في المراحل الدّراسيّة الثَّانويَّة والجامعيّة؛ إذ تراهُم مُقبلين على تلك المراحل الَّتي ترسُمُ خُطاهُم في المُستقبل، وتجدُهم يبحثون عمّن يحلّ لهم الامتحانات!
إنَّ الكارثة الكُبرى تكمُن في بحث طالب الطّب في السّنة الأولى عمّن يقوم بحلّ أسئلة مادّة الأحياء وعلم وظائف الأعضاء.
وطالبٍ آخر في كليّة الهندسة، يبحثُ عمّن يُصمّم عنهُ مشروعًا بأقلّ تكلفة.
وطالبٍ يدرسُ الصّيدلة، يبحثُ عمّن يُقدّمُ عنهُ امتحانات مادّة علم الأدوية!أساساتٌ هشّة، ومعلوماتٌ معدنُها ليسَ بمتين، ستُهدم على رأس مُجتمعٍ بأكمله. لماذا؟ ومن السبب؟
باختصار، إنَّ العائق الَّذي يُواجهنا ليسَ التَّعليم عن بعد، وإنّما في آليَّة التَّعامل معهُ.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
لفت نظري مقالك والأسئلة والمشاكل التي طرحتها. وقد يجب علي كشخص يعمل في المجال التعليمي والتدريبي أن أطرح في مقال يحاول معالجة بعض النقاط ولكن أجل نحتاج لجهود جماعية ومنظمة للإرتقاء بالتعليم في وطننا العزيز.
مقال رائع جدا