أن يعتصرك الندم على فوات لحظاتٍ منك برفقة من تحبّ، تلك خسارةٌ كبرى..

أمنيات طفل بريء

منذ أن كنا صغارًا كنّا نحلم أن يشتد عضد الواحد منا كي يكبر ويصبح معتمدًا على ذاته دون مساعدة أحد من أهله أو أقاربه، لم نكن نعلم أننا حين يمر الوقت ونرى بياض الشيب يخالط ما تبقّى من شعر من نحبّ من أفراد عائلاتنا سنتمنى أن تعود الأيام بنا إلى جنبات الماضي كي نحظى بمزيدٍ من اللحظات معهم، لم نكن نعلم أنه حين يسرق الموت أحدًا منهم سنعض أناملنا ندمًا على كل لحظةٍ شغلتنا فيها الدنيا بهمّها عن قضاء الوقت بصحبتهم، ذلك الوقت الذي كنّا نقضيه بعفويةٍ دون إدراكٍ أنه سيغدو يومًا ما من ذكريات الماضي التي ذهبت بلا عودة.


حين يفقد المرء

إن الموت سنّة من سنن الحياة، كتبها الله على كل بشرٍ في هذه الدنيا، والنفس المؤمنة بقضاء ربّها يواسي حزنها أنّ الأمر كلّه للّه، وأنّه عنده حسن المثوبة. حين يفقد المرء عزيزًا يزداد الليل حلكةً عليه، تغدو الدنيا على وسعها سجنًا ضيّقًا لا مفرّ منه، رفيقه في هذا السجن ذكرياتٌ عاشها مع ذلك العزيز يومًا من الأيّام، تارةً تخدّره من وجع الفقد بحلاوتها، وتارةّ أخرى تغرس في بطنه سكّين الفقد صارخةً بأعلى صوتها أن هذه الأيام ضربٌ من الماضي عديم الرجوع.


قدّر ولا تستهتر

بينما أنت تقرأ هذه الحروف، أخذت عقارب الساعةِ تجري مسرعةً دونما توقّف، سارقةً مع كل دقّة لحظة من اللحظات الثمينة التي كان بالإمكان أن تقضيها مع من تحب من أفراد عائلتك، إن أنعم الله عليك بوجودهم في حياتك سالمين فاحمده وقدّر، قدّر وجودهم من حولك واسع أن تبقي حبل الوصال بين قلوبكم سليمًا غير منقطع، لا تستهتر ولا تسمح لمشاغل الدنيا وهمومها ومشاكلها أن تصنع مسافاتٍ بين أرواحكم رغم لقائها المكاني، فيومًا من الأيام ستودّع الأرواح بعضها، يوم لا ينفع ندمٌ ولا يشفي الحرقةَ التمنّي.


لا تنعتني بالمتشائم

لم يكن للتشاؤم مكانٌ في قاموس مفرداتي يومًا، فلطالما بحثت عن النور في أعماق أحلك الظروف، فلا تنعتني بالمتشائم إن طغت على كلامي صبغة الفقد المشؤومة، أنا مجرّد شابٍّ في مقتبل العشرينيات من عمره عاش تجربة فقد عزيزٍ من عائلته لأول مرّة وهو في عمر الوعي، فأخذ على نفسه عهدًا بعدها أن لا يدع لحظةً تمرّ في حياته دون أن يقدّر فيها وجودَ من يحبّ من عائلته وأعزّائه تفاؤلًا ببركة وجودهم في المقام الأول قبل خشية الفقد، وكتب حروفه هذه إلهامًا وعبرةً لمن يعتبر.

أزال الله عنّا الوباء وجمع شمل كلِّ بعيدٍ عمّن يحب من بعد جفاء.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات حسام الحوراني

تدوينات ذات صلة