القطط كائنات لطيفة اليفة، تعيش إما في منازلنا أو حولها ، فهل بإمكانها تعليمنا دروس مختلفة؟

منذ لحظة ولادتها، أمسكتها في كف يدي، لقد كانت صغيرة للغاية لدرجة أن اي حركة خاطئة كانت ستلحق بها الاذى، شاهدت نموها يوما بعد يوم، في البداية لم تستطع فتح عينيها، كانت تعتمد على أمها في كل شيء بدءا من إطعامها الى النوم بجوارها ، كبرت قطتي وأصبحت تعتمد على نفسها فالقطط الأمهات يتركن الصغار بعد عمر الشهرين، يخرجون وحدهم إلى الطبيعة، يقومون باصطياد الطعام لأنفسهم ،عندها أدركت أن للقطط كما الإنسان شخصيات مختلفة، فلكل منها شخصية محددة فمنها الهادئ ومنها الكسول، منها الضعيف ومنها القوي أما قطتي فقد كانت جرئية، لعوبة لم تخف ابدا، فكل ما كان يهمها هو الخروج والانطلاق لذلك العالم المجهول وشم كل شيء حولها فهي فضولية جدا.



لطالما اعتقدت انه يجب الحصول على مقابل لقاء أي شيء أعطيه، لكن منذ دخولها حياتي تغير كل شئ. فحينما اقدم لها الطعام او الحب لا انتظر شيئا منها، حينما تعطي ذلك القدر من العطف و الاهتمام فليس بالضرورة أن يكون هدفك ارضاء غرورك الداخلي، فمن الممكن أن تحب إنسان أو حيوان لانك تحبه وليس لأي شيء آخر،

عندما اختبرت مشاعر الحب اللامشروط معها، عرفت ذلك النوع الحقيقي من الحب، حتى أن كلماتي تغيرت ، فبعدما كنت اشعر بصعوبة بالتعبير عن مشاعري، أصبحت اكثر قدرة على أن امتن وأن اعبر عن كمية الحب الذي أشعر به اتجاهها أو تجاه أي انسان اخر. فكما قال لاوتزوه " العطاء دون طلب أعظم، و المحبة دون مقابل أروع" .


أثناء مرافقتي لها في حديقة المنزل لاحظت انها تنصت لأصوات الطبيعة، تستمع بحرص لأغصان الأشجار المتحركة، ترصد بعينيها أي حركة على الأرض، تقفز على اي جسم متحرك اضعه أمامها، وحين لا تجد شئ يثير انتباهها تجلس بهدوء، الأمر الذي جعلني افكر كم هي متصلة مع هذة الارض، مع السماء، مع أشعة الشمس، مع الأشجار والنباتات، وكأن كل هذا المحيط هو صديقها الدائم ، فتُخرج لها الأرض أي طعام تحتاجه و تُسمعها الطبيعة أصوات العصافير والحشرات، وهي بدورها تثق بذاك الصديق وتكون متيقنة أن أي شيء تحتاجه سيكون متواجد حولها.


أحيانا حينما اكون مثقلة بالمشاعر السلبية, اذهب اليها لاجدها جالسة متكورة على نفسها , اجد ذلك الحضور والهدوء شيئا مذهلا، فهي تعيش هنا والآن ، كل لحظة تجعلها لحظتها الخاصة ، لا تحمل ذكريات ماضي ولا هموم للمستقبل، فقط تجلس هناك بكل راحة ،لا تفكر بشئ تشعر فقط بأنها هادئة ومسترخية، تثق أن الكون سوف يعطيها ما تتمنى فتسلم الأمر إليه وتسترخي، مجرد الجلوس بجانبها يذكرني أنه يجب احيانا اخذ قسط من الراحة، التنفس بشكل عميق وتسليم كل ما يثقل كاهلنا لله.



لربما القطط بالنسبة لبعض الأشخاص ما هي إلا حيوانات اليفة تحب التمدد والاستلقاء ولكنها بالنسبة لي أكثر من ذلك، لنقل انها معلم صغير أتت لتعلمني ذلك القدر من المحبة والإرشاد، هي فرد من العائلة، كائن بروح نقية يعيش هذه التجربة بكل امتنان ورحابة صدر.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

كلمات رائعة جدا مليئة باحاسيس الحب ومشاعرالسلام والعطاء اللامحدود

إقرأ المزيد من تدوينات عائشة أحمد

تدوينات ذات صلة