لماذا لم تباع لوحات فان جوخ حياً؟ مالذي حدث بعد ذلك؟
مفارقة!
لم يبع في حياته الا لوحة واحدة!
ثم .. بعد وفاته
بيعت لوحته (الطبيب غاشيه) بنحو 82,5 مليون دولار!
فمالسر يا ترى؟
لوحة بورتريه الطبيب غاشيه
اسمحي لي أيها القارئ بأن أفاجئك: سرقت لوحة فان كوخ من متحف سينغر لارين في هولندا أثناء جائحة كورونا, يتم استهداف اللوحات ذات القيمة العالية, لن يسرق أحدهم لوحة خسيسة لفنان مغمور, وان حدث ذلك سيعد هذا اطراءًا حقيقياً!
ما أرّق مضجعي هو فان جوخ المسكين مات فقيراً معدماً ومحسوراً على موهبته المتعامى عنها, ومتأثراً بانسانيته المفرطة, مالذي كان ينقص تلك التحف الفنية بالا تباع في حياته! فيم أخطأ فان جوخ وأخيه ثيو؟
مالذي حصل بعد وفاتهما بان أصبح فان جوخ علم من أعلام الانطباعية؟
ليس بامكاني تفادي أن لوحاتي لا تباع فان جوخ
موضوعات لوحاته هي سبب الركود
قمت ببحث على قوقل, لعلِ أطلع على ورقة تفسر أسباب هذا الفشل الذريع, ولكن لم أجد سوى شروحات هنا وهناك عن طبيعة لوحات فان جوخ ومصدر الهامه الأصيل, وفلسفته عن الحياة. تأثر جوخ بحياة عمال المناجم عندما كان مرسول من الكنيسة الكاثولوكية وارتبط بهم ارتباطاً عاطفياً وجعل مهمته كزعيم روحي لهم هو أن يخفف عبء الحياة عنهم, كانت هذه مرحلة هامة في حياته حيث لازمته الشفقة تجاه العمال والفقراء فصور حياتهم في لوحاته ؛وكان هذا السبب الرئيسي لعزوف الزبائن والنقاد من الطبقة المخملية عن شراء لوحاته, حيث تصور لوحات فان جوخ حياة المعدمين, حياة لا يعرفها الأغنياء ,صور جوخ الناس المنسيين, صور معترك الحياة وبؤسها والذي لم يلقى رواجاً آنذاك.
كانوا يقتنون اللوحات للبهجة وحتى يعلقوها على جدرانهم الزاهية, لوحات فان جوخ كان تجلب البؤس لهم, كان تقض مضاجعهم كمرآة يرون وحشيتهم فيها.
ومن خلال استقرائي لهذه الاحداث أرى أن أول "خطأ" وقع فيه فان جوخ هو أن فنه لا يوافق طلب السوق, وهدف المستهلكين من اقتناء اللوحات, وايضاً الأسلوب الرائج آنذاك.
الزمن الذي استغرقته لوحاته للرواج
يعزى الفضل في نشأة فان جوخ الى أخيه ثيو الذي كان الراعي المالي والنفسي له, آمن فيه كما لم يفعل أحد حتى أنه ابويه شعرا بالخذلان عندما علما بأن فنسنت قرر أن يكون فناناً في السابعة والعشرين من عمره!
أسسا معاً شركة بمساعدة عمهما كتجار للفنون, لكن فنسنت لم يجد نفسه في هذا العمل فاستقال ,قام ثيو بدعم أخيه فأنفق على دروسه ورحلاته, وحاول الترويج له وللوحاته بتقديمه لكبار الفنانين كجوجان ومونيه, الذين أثروا على توجهه الفني. لم تثمر جهود ثيو في زمن قصير, فبعد ما يقارب عشر سنوات من العمل المضني في تاريخ 19 مارس 1890م بدأ تقدير عمل فنسنت ينمو بشكل متواتر في عالم الفن الباريسي، قدم ثيو عشر لوحات إلى صالون الفنانين (المعرض السنوي المستقل الذي نُظم كرد فعل على الصالون الأكاديمي).في 27 يوليو 1890م انتحر فان جوخ وهو في بداية الطريق للشهرة والتقدير.
«لا تتصور مدى سعادتي ليتك كنت هناك في معرض الاستقلال (…) لوحاتك في وضع جيد وتبدو رائعة، جاء كثير من الناس يطلبوا مني أن أنقل لك تقديرهم». ثيو إلى فنسنت
ومن خلال ذلك نستنتج بأن استراتيجات ثيو التسويقية لم تكن الأفضل, حيث استغرق لفت الانتباه الى أعمال فان جوخ ما يقارب 10 سنوات طوال من المعاناة!
توفي ثيو بعد أخيه بقليل, ثم تولت زوجة ثيو جو مهمة الترويج لأعمال فان جوخ ومواصلة جهد زوجها الدؤوب لجعل أخيه فنان عظيم, وينسب الفضل اليها في شهرة فان جوخ العالمية الان, حيث قامت بنشر رسائلهما بهدف نشر سيرته الذاتية, باعت لوحاته واعارتها للمتاحف, بعد وفاة جو، قام ابنها فنسنت فان جوخ الرابع بتأسيس متحف فان جوخ في أمستردام عام 1973 وتم نقل جميع أعمال فنسنت إلى متحفه الرسمي.
وأخيراً يبدو أن مشكلة جوخ انذاك لم تكن في افتقاره الى الموهبة بل في صناعة محتوى جذاب ,نجد ذلك في حياتنا الان, مقالات رائعة شعراء أفذاذ .. ولكن لا يحصلون على الرواج الذي يستحقونه.
نلاحظ أن الكتاب والفنانون الخاضعون الى ما يطلبه الجمهور هم الأشهر والانجح!
ما احتاجه فان وما يحتاجه الموهبون المغمورن سواء مسوق جيد! وحيل نفسية لبيع المنتجات!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
علينا ألا نكرر خطأ الاسبقين في عدم تقدير الموهوبين أمثال فان جوخ 😞