يقول لودكا : " أفرغوا المدن والطرقات والقطارات والمحطات من ملصقاتها فستجدون أنفسكم أمام عالم مختلف يؤدي إلى تغيير في سلوك الناس "


يعرف الإعلان بأنه مجموعة الوسائل المستعملة لممارسة تأثير سيكولوجي على الجمهور وتعريفه بمنتوج معين ، أو مقاولة صناعية أو تجارية معينة ، وحسب "برنار جيرو" :

"فالإشهار هو كل رسالة شفوية أو كتابية تسعى إلى نشر خبر يهدف إلى تطوير بيع منتوج معين أو خدمة معينة بشكل مباشر أو غير مباشر "

فالإنسان لايستطيع العيش دون إشهار باعتباره عصب التجارة وصوت الاقتصاد اللبرالي الحر ، يتمكن الإعلان من الوصول إلى عقول المستهلكين عن طريق مجموعة من الوسائل وأهمها الملصق الإعلاني باعتباره وسيطا إعلاميا تكميليا بامتياز ، وهو وسيلة بصرية تمارس تأثيرا كبيرا على المستهلكين بحكم أبعاده ومقوماته وتقنياته المتعددة والمختلفة ، ولعل من أهمها استغلال الصورة وتوظيفها فهي التي تجلب المتلقي وتجعله يقتنع باقتناء هذا المنتوج أو ذاك دون التفكير في ما إذا كان بحاجة إليه فعلا أم لا وهذا ما يسمى بالإعلان التضليلي ، فغالبا ما تكون الملصقات الإشهارية والتي هي عبارة عن صور أو فيديوهات خادعة تخترق عقل المستهلك بطريقة سحرية وتجعله أسير ما يعرف ب : (هوس التسوق ) أو (التسوق القهري) وهنا يدخل الإنسان في حالة من الإدمان والنهم اللامحدود .

ومع انتشار الثقافية الشرائية عبر العالم والتي ساهمت في انتشارها بشكل رئيسي وسائل التواصل الاجتماعي أو ما بات يعرف ب : "السوشيال ميديا " أصبحت فئة كبيرة من النساء تقبلن على التسوق وشراء مستحضرات التجميل ناهيك عن العطور والفساتين قصد التباهي أمام صديقاتهن المهووسات بدورهن بالتسوق ، والغريب أن هوس التسوق بدأ يغزو حتى عقول الرجال المهتمين بجمال وأناقة مظهرهم الحريصين على تتبع مستجدات الموضة .


الإعلان المخادع40730440409595680


أصبحت المواقع الإلكترونية تنافس كبرى الشركات العالمية في مجال الموضة والأزياء والماكياج والسيارات وحتى بيع وتسويق المنتجات الغذائية و الطبية والدوائية حتى أصبح العالم قرية صغيرة يحكمها الإعلان بقبضة من حديد .

والجدير بالذكر أن الإعلان لا يقدم منتجاته في انفصال عن السياقات الثقافية التي تحتضنها ، ولا يخاطب المستهلك من خلال ما هو ، في ذاته وحاله ، بل من خلال ما يحلم أن يكون عليه ، فهو يغري ويوحي ويلمح ويستثير ويطهر الوجود من تناقضاته لكي يضعه أمام المستهلك خالصا نقيا صافيا لا مكان فيه للتردد أو الخوف أو المرض .

إن كل إعلان تلفزيوني يحاول أن يجعلك مقتنعا بأن مفتاحك إلى الحياة الجيدة هو وظيفة أحسن من وظيفتك أو سيارة أكثر فخامة من سيارتك أو حوض استحمام حار له بركة قابلة للنفخ من أجل الأطفال ، يجب أن تكون أكثر اهتماما بالحصول على تلفزيون جديد ، ويجب أن تكون أكثر اهتماما بأن تقضي عطلة أفضل من التي يقضيها بقية زملائك . ويجب أن تهتم أكثر بشراء تلك التزيينات الجديدة الجميلة التي توضع على المرج في حديقة بيتك . وعليك أيضا أن تهتم بالحصول على النوع الصحيح من عصا السيلفي !

لماذا ؟ لأن الاهتمام أكثر بهذه الأشياء أمر ملائم تماما لمصالح الشركات وتتكرر نفس الحلقة الجحيمية في كل مرة تلمح فيها عين المستهلك شيئا جديدا بطريقة منمقة وجذابة .


الإعلان المخادع22292089970508400


لكن السؤال اللأكثر إلحاحا هو كالتالي : ألم يحن الوقت بعد للتوقف واستيعاب المغزى من هذا التنافس التجاري والسوسيو اقتصادي والاستراتيجية الموجهة لتدمير عقول الناس عن طريق تزييف الحقائق وتحويل عقول الناس إلى سلة من المهملات تستقبل كل ما يوضع فيها دون اعتراض ؟؟


المراجع :


- سعيد بنكراد، بين اللفظ والصورة ، تعددية الحقائق وفرجة الممكن، المركز الثقافي العربي، المغرب، 2017.

- مارك مانسون، فن اللامبالاة ، لعيش حياة تخالف المألوف، منشورات الرمل، ط، 1، لبنان، 2018.

- مصطفى كسوم، الصورة الإشهارية ، استراتيجيات الإنتاج ومظاهر التلقي، إفريقيا الشرق، المغرب، 2020.


خولة

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات خولة

تدوينات ذات صلة