. . . . . . . . . . .. . .. . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"إنّ ما لم يُحكى يُبكى"

أتدري كيف أن يكون في جدار روحك شرخاً قاسٍ ينكّل فيك ويأخذ من عافيتك بالقدر الذي يريد كيفما شاء ووقتما أراد؟!أتدري كيف أن تكون عاجزاً ولا تملك من أمرك أيًّا من أيّ شيء، أن تكون أشبه ما تكون بدميةٍ ورقيةٍ تميل بها الرياح كيفما تشاء؟!أمَا وأني قد حُمِّلْتُ على كاهلي عجزَ عجوزٍ كان لا يملك من أمره سوى عصاةً يستند عليها، وها هو الآن عاجزٌ دونها.. أمَا وإنّي دفعةً واحدة قد تجرّعت كل الشروخ والجروح الغائرة التي قد تصيب أحدهم إثر معركةٍ عاد منها مكسورًا ومخذولاً..ولأنّ المرء منّا لا يملك في ليالي الفقد الكئيبة إلّا أن يسطّر ما يعثو بقلبه حبراً على ورق كسرت الكلمات على حياد السطور وكتبت لها:وقبل أيّ شيء يا عزيزتي، ولأنّ أبجديتي بمفرداتها عاجزةً عن وصف غيابك كما ينبغي، أود أن أُعْلِمَكِ بدايةً بأنّ "ما لا يُحكى يُبكى" وعلى خاصرة هذه الكلمات لكِ أن ترسمي بمخيلتك معاناتي الشديدة بما لم يُحْكى، ولك أن تتخيلي جميع المفردات والتراكيب التي ضلَلْتُ الطريق إليها، وضلّت طريقها إليّ، أمّا بعد: لم يكن رحيلكِ يا عزيزتي هو الشرخ الأوحد في صميم روحي، ولكنه كان الأشدّ بأساً وشراسة، كان الأشدّ عصفاً وتنكيلاً في إرجائيَ المتعبة، وها أنا الآن عاجزٌ دونك..كنت يا فقيدتي أعلم بأنّ طرقنا مهما التقت سيكون لزاماً عليها يوماً ما أن تفترق، وها نحن الآن غارقَيْن في ظلمات الغياب.. أتذكرين يوم أوصيتُني وإيّاكِ بأن نعمل صالحاً في صفحة الأرض علّنا نكون من المقبولين في صفحة السماء، ولعلّنا إذا قُدِّرَ علينا الغياب في صفحة الأرض أن نلتقي برحمة الله في جنانه..سبع سنوات مضتْ دونكِ، إلّا أنّ هناك شيء ما مني بقي عالقاً عندك ولم يغادر معي.. سبع سنوات مضت دون صوتك إلّا أنّي لا زلت أحمله في خلايا دماغي العصبيّة.. سبع سنوات وأنا أشيخ دهراً بعد كل يوم، فاليوم الذي يمرّ في غيابك من عمري يوماً ليس كالأيام التي كنتِ شاهدةً عليها.. سبع سنواتٍ يابساتٍ عجاف، سبع سنواتٍ مرّوا مرور الأعداء الّلئام..سبع سنوات مضت ولا أدري إن كنتِ تذكرينني أم أنّكِ تركتِني مركوناً على رفوف النسيان.. ولكن يا عزيزتي على أيّ حالٍ، إن تذكّرتِني فذاك خيرٌ من الزمان أن ترك لي بذاكرتكِ مكاناً أزاحم به ناسك، وإن لم تذكريني فجميلٌ أنّ كتابي هذا سيكون يوماً ما بين يديكِ.

#عامر_عماد_أبو_طبيخ


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات فريق إعمار فكر الثقافي لدعم المواهب

تدوينات ذات صلة