كيف لأطفالنا أن لا يشتهوا أن يكون لهم هواتف و نحن نكاد لا ننفصل عنها؟؟
دموعه بدأت بالتجمع في عينيه اللوزيتين.. احمر وجهه و بدا عليه الغضب... احتضنت ظهره اللذي بدأت الحرارة تخرج منه و أنا أمشي في أحد أرقى المحلات التي أدخلها مرة كل عدة أعوام في زيارتنا لتلك البلد الجميلة.. طفلي غاضب جدا و هذا ما يهمني الآن!
و السبب! أن كل البشر ملتصقون بالشاشات الصغيرة تلك، دون هدف واضح بالنسبة له.. حتى أنه قال أنه جاءه في المنام خمسة الى ستة مرات أنه اشترى و أخيرا هاتفا محمولا و أصبح مثلنا جميعا.. لوهلة، شعرت أن ابني يفقد حاسة من الحواس أو لا قدر الله عضوا من الأعضاء و حرفيا لا أجد كلمات تعبر له عن خالص عزائي لحاله! و لكن الحال هو أن الذي ينقصه شيء لم نخلق به ولكننا أضفناه عضوا جديدا أساسيا في حياتنا اليومية..
خرجنا من المحل و النقاش يزداد حدة بيننا و لا تساعده مواساتي و كلماتي و منطقي في تخفيف حرارة البخار الذي يتصاعد من أذنيه بل على العكس، حقيقة أشعر أنني أغيظه أكثر.. لا أعلم الآن من شدة غضبه لربما لنشر هذا المقال أحتاج لتصريح من حبيبي الصغير الغاضب هذا!
عندما خرجنا من المحل بدأ يشير إلى الناس اللذين يمشون حولنا
انظري لهذه المرأة كيف تدخل رأسها في هاتفها.. انظري لتلك تخاطب من تريد متى شاءت!
انظري لهذه المرأة تتكلم مع من حولها و لكن هاتفها الّذي بيدها مضيء و تستطيع أن تشاهد عليه ما تشاء عندما تنتهي من حوارها!
انظري لذلك الرجل و ذاك أيضا!
انظري لهذا الصبي كيف يلعب على الهاتف!!
لم لدى الجميع هواتف إلا أنا؟!
أنت و أبي تمسكون هواتفكما متى أردتم ذلك.. لا تقولي لي عليه عملكم! أنتم أيضا تشاهدون الفيديوهات!
حرفيا هذا ما دار بيننا!
الطفل يغلي و هذا يؤلمني.. بدأت أفسر له لم يحتاج الكبار الهواتف و مهما قلت فأنا كمن يرمي الحطب على النار!!
توقفت لوهلة و أخذت قراري!
لن أستخدم هذه الشاشة الصغيرة و أنا جليسة أطفالي فأنا قدوتهم!
لن أمسك بيدي ما يحجبني عنهم أو يخبرهم أن هناك ما هو أهم منهم.... علي أن أبدأ بنفسي... لا داعي للتنظير و لا داعي لكثرة الكلام.. نعم انا أكتب مقالي هذا على الهاتف أثناء نومهم.. و عندما يستيقظون لن يروا أمام ووجهي شاشة صغيرة تخبرهم أنها أهم منهم.. أو تعلمهم أن العالم الذي خلف الشاشة أجمل من ذاك الذي يحيط بنا و نعيشه كل يوم مع من نحب!
التعليقات