سمعت ابني يتحدث لصديقه ويقول «أنا ذكي دون منازع.. نحن أطفال الهواتف الذكية».. تفكرت كثيراً.. إن

أبناءنا يعتقدون أن ذكاءهم يرتبط بالهواتف الذكية.. غير مدركين أن المصطلح نتيجة للتطور التكنولوجي الكبير الحاصل على الهواتف.. وذكاؤه غير مقرون بذكاء الهاتف.. وإن دل هذا الشيء يا ولدي فإنه يدل على أنك مساق ولست خلاقا، فأين عقلك؟!


دعونا نسترسل قليلاً في ما يحدث لأطفالنا في عهد الأجهزة الذكية.. لا ننكر أن تواصلهم معنا نقص.. ومع أي جليس.. وإن تحدثنا معهم لا يركزون معنا.. فعين علينا وعين على شاشة الهاتف.. وإن نادته أمه لا يسمعها إلا بعد الصرخة الصاروخية الخامسة.. أبناؤنا هاجرون لكتبهم، وهي بين أيديهم.. فهم مساقون للهواتف الذكية التي سلبتهم عقولهم.


البعض ينظر الى الأطفال الذين يحملون الأجهزة الذكية ويتصفحون ويستمعون محتواها.. انهم أطفال أذكياء وعقولهم خلاقة لكونهم قادرين على التعامل مع هذه التكنولوجيا المتطورة.. ولكن لماذا لا نرى هذا الذكاء والعقول الخلاقة في دروسهم؟! أو بإنصاتهم للآخرين.. أو بمعلومة مفيدة يناقشونها مع أحد؟.. هنا يظهر العقل الخلاق وما يستنبط من أفكار بإبداع وانتباه.. تبدو لمسات الغباء والبلاهة عليهم، بل مرسومة بطريقة فنية يعجز عنها رسام محترف.


نعم، هذا الواقع.. عندما تسأل ابنك عن شيء تجده ينظر إليك أو لشاشة الهاتف صامتاً، تعتقد أنه يفكر ويستنبط الإجابة.. إلا أنه في الحقيقة مساق الى هذا الهاتف.. ومن شدة التركيز لا يكاد يعي من أين أتى الصوت.. وبماذا سأل.. هذه هي الحقيقة يا سادة.. جيل ضائع.. مسلوب يساق بغير وعي.. فلنتنبه قبل ألا ينفع أي تدخل.. فتلك الأجهزة تأخذ من وقتهم وتركيزهم وحضورهم.. وعلاقتهم مع أهليهم.. وأثرت على علم الطالب ونفسه وأخلاقه.. بل ومتعتهم بالإجمال.


للأسف.. أطفالنا الصغار هم في الحقيقة عجائز كبار.. لأن الأجهزة الحديثة صحياً تنحت من عافيتهم.. وتضعف سمعهم وبصرهم وأعصابهم.. وتحني ظهورهم.. وتقلل من قدراتهم وملكاتهم الفكرية.. وهي تجعلهم مساقين وأسرى عادات تتحكم فيهم من حيث لا يريدون ولا يدرون، يكبرون وتكبر معهم وتغدو - كما أُسميها - «زنزانة.. عادة مدى الحياة»..


ولو تفكرنا قليلاً لوجدنا أن هذا الجهاز سرق وقت الكبار أيضاً المساقين وراءه وعقلهم.. وخطف ألسنة الكثيرين منهم عن ذكر الله.. وقد يكون البعض قطع أرحامه ظناً منه أنه لا يملك الوقت.. وأنه دائماً مشغول.. والحقيقة أنه يأخذ من وقتنا وحياتنا الكثير الكثير.. فلننظر الى أبنائنا نظرة عطف الى حالهم.. ولنتفكر بأساليب ترجعهم عن تلك المتاهة التي هم بها.. لا تدعوهم يكبرون وهم في هذه الحال.. فهذا هو الفقد الحقيقي لما سيمتلكون من سلوكيات وأخلاقيات طريقها للضياع والأسر.. دعونا نتبادل الآراء عسى أن نفيد ونستفيد.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات د. أحمد الفيلكاوي

تدوينات ذات صلة