40 دقيقة بمحطات مترو أنفاق الخط الثانى بداية من القليوبية وحتى الجيزة

"للسيدات حتي التاسعة" عبارة كتبت علي عربات المترو تحذيرا للرجال بعدم الصعود، و لكن بعد التاسعة تجد صفوف الرجال تستعد للدخول مع النساء رغبة في معرفة ما يدور داخل تلك العربة . إذا ما الذي يختبيء في تلك العربة بالتحديد و ماذا يدور في أذهان السيدات بداخلها؟ عشرة أشياء لا يعرفها الرجال عن عربة السيدات.

في الثامنة صباحا تدخل إلي عربات المترو فتاة عشرينية تحمل أكياس الخضراوات المقطعة في محاولة لإغراء السيدات في المترو بالشراء منها حتي يكون طعامهم نصف جاهز و هي محاولة جيدة حتي لا تذهب الموظفات إلي العمل مشغولات البال بما سيقمن بإعداده لغذاء اليوم.

أما فترة الظهيرة فتحمل العديد من ركاب المترو الذين يبيعون أدوات الزينة و ما تحمله السيدات معهن في الحقائب و أيضا هناك من يبيع الملابس و المفارش و يستخدمون عبارات من شأنها التأثير علي السيدات و الواضح أنهم ينجحون في مهامهم و الدليل علي ذلك أنهم منذ أكثر من سنتين و هم مازالوا يبيعون نفس الأدوات بلا ملل مستغلين ضعف المرأة المصرية أمام التسوق و صرف الأموال.

أما المتسولين فيدخلون إلي عربات السيدات ظنا منهم أنهم يستطيعون التأثير علي تلك القلوب الرقيقة و لكن للأسف ليس للمغالين في إظهار الفقر نصيب من الصدقات فهذا الذي يدخل حاملا أدويته بين يديه أو ذاك الذي يتظاهر بالحرق الشديد في قدمه فلايحصلون إلا علي عبارات توبيخية من السيدات مثل" كيف حرقت و تسطيع المشي عليها؟"، أما تلك الصغيرة التي تحمل أخيها بين يديها و تسأل السيدات عن الصدقات و الرحمة فتحصل علي عشرة جنيهات علي الأقل استطاعت أن تفعل ما لم يفعله البالغون لصغر سنها أم لكلماتها المؤثرة ليسهذا هو المهم المهم أنها أدت مهمتها.

تدخل المنتقبات عربة السيدات كملاذ يستطيعون فيه الكشف عن ملامحهم طلبا لبعض الهواء بدون حواجز، يستطيعون هنا الظهور ولكن عليك أن تنظر لثورتهن إن رأين رجلا يقتحم عليهن هذا الملاذ الجميل و يأخذ حقا من حقوقهن. لا يستطعن تحمل نقص الهواء أكثر و لا يطلبون إلا الهواء.

وسط هؤلاء النسوة جميعا تدخل فتاة تبكي بحرقة و بعد المحاولات المستميتة من السيدات لتهدئتها يتضح أنها تعرضت لحادثة تحرش فتنهر هذه الرجال جميعا و تلك تصب عليهم اللعنات و يدعون جميعا الله بتطهير الأرض منهم تحكي سيدة أربعينية عن رجال الزمن الجميل .

و لكن للأسف تظهر عجوز لتدافع عن الرجال قائلة "لاتحزني ربما لم يتزوج" و لا يستطعن الرد عليها لكبرسنها و لكن الكل أخفي في نفسه دعوة عليها أو علي أبنائها تيقنا بأن أمثالها لم يستطعن التربية.

تدخل فتاة تظهر علي وجهها علامات الفرح العاصف، الفرح الذي ربما يهدد قلب حامله ، تحمل بين يديها فستانا للزفاف يبدو أنها غدا ستكون بين يدي عاشقها.

من محطة أنور السادات تدخل ثلاثينية جميلة ترتدي بذلة رسمية يبدو أنها خرجت تواً من عملها ذا الصبغة الرسمية و لكن يبدو عليها الإرهاق والشرود وكأنها فقدت شخصا عزيزا أو فقدت نفسها أو تبخر حلم آخر من أحلام العشرينات الوردية.

تدخل أم و يتضح أنها جديدة في هذا المجال لا يمضي علي وجودها لحظات و يبدأ طفلها في الصراخ يفسحون لها مكانا للجلوس ثم يبدأن السيدات في إعطاءها النصائح لها و لوليدها ثم تبدأ في إرضاعه ليعود الهدوء للقطار و يعود الصغير لجنته و تعود هي لحلمها عن مستقبل هذا الصغير.

يقف القطار في محطة "جامعة القاهرة" لتنزل منه تلك الفتاة الهادئة التي مضي علي صعودها ثلاثين دقيقة بالضبط وقفتهم بثقة و لكنها للأسف تخاف التواجد في عربات الرجال. في ذهنها، لاتريد ظهور وحشا آخر يكفي المتواجدون في حياتها.

بدأت هذه الرحلة من محطة "كلية الزراعة" و انتهت ب"جامعة القاهرة" علي خلفية موسيقية بصوت شادية تغني "ياحبيبتي يا مصر".


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات قارئة الرسائل

تدوينات ذات صلة