علاج الخلايا الجذعية يعكس مرض السكري لدى امرأة لأول مرة

علاج الخلايا الجذعية يعكس مرض السكري لدى امرأة لأول مرة


أصبحت امرأة تبلغ من العمر 25 عامًا مصابة بداء السكري من النوع الأول أول شخص يعكس المرض من خلال زرع خلايا جذعية مُعاد برمجتها مُشتقة من جسدها الخاص.

بعد أقل من ثلاثة أشهر من العملية، بدأت في إنتاج الأنسولين الخاص بها، مما قضى على الحاجة إلى جرعات الأنسولين الخارجية.


يشكل الإنجاز الأخير في مجال علاج السكري نقلة نوعية في فهمنا لهذا المرض المزمن وتقدّمنا في علاجه. فبعد عقود من البحث والتجارب، بات الأمل يلوح في الأفق بإمكانية عكس مسار المرض، بل وربما الشفاء التام منه.


علاج رائد

تضمن هذا العلاج الرائد استخراج خلاياها، وإعادتها إلى حالة متعددة القدرات، وتحويلها إلى جزر لانجرهانس منتجة للأنسولين، والتي تم زرعها بعد ذلك في عضلات بطنها.


أتاحت هذه الطريقة المبتكرة للباحثين مراقبة الخلايا بسهولة أكبر من عمليات زرع الكبد التقليدية وإمكانية إزالتها إذا لزم الأمر.


لمدة عام، حافظت المرأة على إنتاج ثابت للأنسولين ومستويات ثابتة من السكر في الدم دون تجربة ارتفاعات أو انخفاضات خطيرة، وهو تحسن كبير في حالتها.


يأتي هذا التطور في أعقاب بحث مماثل في شنغهاي، حيث تم زرع جزر لانجرهانس منتجة للأنسولين مُشتقة من خلايا جذعية مُعاد برمجتها بنجاح في رجل مصاب بداء السكري من النوع 2، مما سمح له بالتوقف عن العلاج بالأنسولين.


هناك حاجة إلى المزيد من التجارب لتكرار النتائج وتأكيد الفعالية على المدى الطويل، خاصة وأن الاستجابة المناعية للمرأة لم تتمكن من التقييم الكامل بسبب العلاج المناعي المثبط الموجود مسبقًا.


يقوم الباحثون أيضًا باستكشاف علاجات الخلايا الجذعية المشتقة من المتبرعين، مع نتائج أولية واعدة من التجارب التي تستخدم خلايا جزر لانجرهانس المنتجة من الخلايا الجذعية المتبرع بها.


ما الذي يجعل هذا الاكتشاف مختلفًا؟


استخدام الخلايا الجذعية الذاتية: تكمن أهمية هذا الاكتشاف في استخدام الخلايا الجذعية المستخرجة من جسد المريض نفسه، مما يقلل بشكل كبير من خطر الرفض المناعي الذي يواجهه المرضى في عمليات الزرع التقليدية.


إعادة برمجة الخلايا: عملية تحويل الخلايا إلى حالة متعددة القدرات ثم تحويلها إلى خلايا منتجة للأنسولين تفتح آفاقًا جديدة في مجال الهندسة الوراثية وتعديل الخلايا.


الزرع المباشر في العضلات: يعتبر زرع الخلايا في عضلات البطن أسهل بكثير من عمليات زرع الكبد التقليدية، مما يقلل من التعقيد الجراحي ويسهل مراقبة الخلايا.


استقرار مستويات السكر في الدم: النتائج الأولية واعدة للغاية، حيث تمكنت المريضة من الحفاظ على مستويات سكر مستقرة في الدم لمدة عام كامل دون الحاجة إلى الأنسولين الخارجي.


ما هي التحديات المستقبلية؟


التكرار والفعالية على المدى الطويل: من الضروري إجراء المزيد من التجارب على عدد أكبر من المرضى لتأكيد نتائج هذه الدراسة ولتقييم الفعالية على المدى الطويل.


الاستجابة المناعية: على الرغم من استخدام الخلايا الذاتية، إلا أن هناك احتمالًا لحدوث رد فعل مناعي، خاصة عند المرضى الذين يتلقون علاجات مناعية مثبطة.


التكلفة: من المتوقع أن تكون هذه التقنية مكلفة للغاية في البداية، مما يجعلها غير متاحة للجميع.


مستقبل واعد

على الرغم من هذه التحديات، فإن هذا الاكتشاف يمثل خطوة كبيرة نحو تطوير علاجات فعالة و آمنة لمرض السكري. ويفتح الباب أمام العديد من الاحتمالات، مثل:


تطوير علاجات مماثلة لأمراض أخرى: يمكن تطبيق هذه التقنية على علاج أمراض أخرى تتضمن نقصًا في خلايا معينة، مثل مرض باركنسون والزهايمر.


تخصيص العلاج: يمكن تكييف هذا العلاج ليناسب كل مريض على حدة، مما يزيد من فعاليته وسلامته.

تطوير علاجات جديدة: يمكن استخدام هذه التقنية لتطوير علاجات جديدة تعتمد على تعديل الخلايا الجذعية.


ختامًا، يمثل هذا الاكتشاف نقطة تحول في مجال علاج السكري، ويفتح آفاقًا جديدة لعلاج العديد من الأمراض المزمنة. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به قبل أن تصبح هذه التقنية متاحة على نطاق واسع.


***

كاتب المقال

***

د. طارق قابيل

- أكاديمي، خبير التقنية الحيوية، كاتب ومحرر ومترجم علمي، ومستشار في الصحافة العلمية والتواصل العلمي

- عضو هيئة التدريس بقسم التقنية الحيوية - كلية العلوم - جامعة القاهرة

- الباحث الرئيسي لمشروع خارطة طريق "مستقبل التواصل العلمي في مصر ودوره في الاعلام العلمي"، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مصر.

- مقرر لجنة الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية والثقافة العلمية والدراسات الاستراتيجية ومؤشرات العلوم والتكنولوجي، وزميل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.

- عضو المجموعة الاستشارية العربية للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للدول العربية.

http://scholar.cu.edu.eg/tkapiel

[email protected]

...

#الدكتور_طارق_قابيل

#العالم_المصري

#مشروع_التواصل_العلمي

#أكاديمية_البحث_العلمي_والتكنولوجيا


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات د. طارق قابيل

تدوينات ذات صلة