قصة من قصصي القصيرة في المجموعة الأولى واسمها "روح الدنيا"
الفصل الأول
في إحدى ناطحات السحاب الكبرى المطلة على ضفاف نهر النيل ما بين الفنادق الفخمة في حي الزمالك وفي يوم من أيام الصيف الحار في شهر أغسطس فاجأت زهرة زوجة الشقيق الأكبر"عبد السلام" آلام الوضع فأخذها زوجها لقسم الولادة للمستشفى الكبير التابع للحي وأنجبت ابنتها الكبرى الذي كان يتمناه زوجها ولداً يسميه "علي" ولكن جاءت ابنتهما"علياء"
"عبد السلام" رجل طويل القامة,عريض المنكبين,شعره أسود ناعم كثيف فيه بعض الخصلات البيضاء الناعمة
وبعد ستة أشهر من وضع علياء في صباح يوم الأحد وهو العطلة الأسبوعية للأخوين رضا وعبد السلام فهم من كبار تجار الأخشاب الموبيليا في حي "المناصرة", سمع رضا صوت زوجته هي الأخرى تصرخ من آلام الوجع الشديد ذهبت مع زوجها لنفس المشفى ضعت ابنهما الوحيد"هشام"
سبتمبر 1986
مرت الأيام كبر "هشام" و"علياء" أصبح لابد أن يبدأوا مسيرتهم الدراسية ووكانت زوجة "عبد السلام" تحمل في أحشائها طفلها الثاني الذي كان يتمنوه ولد كان على الدتهما استيفاء الأوراق التي تؤهلهم لدخول المدرسة التحق"هشام" بمدرسة للبنين في وسط البلد أما "علياء" فالتحقت بمدرسة للبنات في منطقة"مصر الجديدة"
في نهاية الشهر في اليوم الخامس والعشرين كان مر شهر على عيد ميلاد هشام وعلياء السابع قرر والد علياء أن يكون حفل عيد ميلادها حفلا كبيرا بعد الاطمئنان على والدتها وطفلها الثاني فذهب في مطعم من المطاعم الفاخرة قابله النادل:مساء الخير كيف يمكن مساعدتك؟
عبد السلام: مساء النور أيمكنني مقابلة المسؤول هنا؟
النادل: للأسف ليس هنا فهو يحضر قبل إغلاق المطعم بساعتين
عبد السلام :إذن سأقابله لاحقًا شكرًا لك
عاد عبد السلام لمنزله قبل أن يستأنف عمله في فترة المساء ليسترح بعض الوقت إذ فجأة يسمع صوت الصراخ آتيًا من الحمام فقام من نومه بلهفة وهلع ينظر ماذا حدث ليرى زوجته ترقد في الأرض تصرخ وتدب بأرجلها تستغيث: سأموت الحقني
عبد السلام: ما بك؟
رقية"زوجته":ألم ترى؟ الحقني وخذني للمشفى فأنا أضع حالا
عبد السلام: ماذا عن علياء؟
رقية: أما زلت تفكر نتركها لعمها وزوجة عمها
أخذ عبد السلام رقية للمشفى وضعت رقية ابنتهما الثانية
عبد السلام يغضب:ابنة ثانية لماذا لم يكن ولد مثل أخي؟ ما هذا الحظ يا ربي؟
رقية: ما بك نعم ابنة أخرى لتكون مع شقيقتها حتى لا تظل وحيدة في الدنيا وليجعلهما الله ذرية صالحة لنا فهيا نختار لها اسم جميل
عبد السلام:كنت أريد"علاء"
رقية :فجاءت"علا" ما رأيك
عبد السلام:لله الأمر من قبل ومن بعد ليعطيني الله الصحة والعمر لتربيتهما تربية صالحة و تعليمهما على أكمل وجه
في صباح يوم السبت من الأسبوع التالي ذهبت السيدتان"رقية وزهرة" ليبتاعوا بعض الأشياء لحفل السبوع المقرر إقامته في اليوم التالي في منزل رضا في الجهة المقابلة حيث أنه أكبر من منزل عبد السلام
بينما ذهبت رقية وحدها لبعض الأزقة الضيقة تعرضت لحادث سرقة فقد سرقت حقيبتها بكل ما فيها من نقود و أوراق وهاتف التي كانت تهاتفها عليه زهرة ولكن بلا جدوى ووقفت زهرة في منتصف الطريق:أين أنت يا رقية؟
أين ذهبت؟ ماذا على أن أفعل تاهت في الزحام؟ماذا أقل لهم في المنزل؟
أما رقية فلم تعرف ماذا تفعل ولم يكن لديها ما تعود به للمنزل فذهبت لقسم الشرطة التابع للمنطقة :مساء الخير أريد ان أبلغ عن حادث
الظابط: اهلا وسهلا تفضلي
رقية:أريد أن أبلغ عن سرقة حقيبتي بكل ما تحتويه من نقود و أوراق وهاتفي الشخصي
الظابط: هل تستطعي أن تصف لي من قام بالسرقة؟
رقية: لا استطع ولكن لاحظت أنه طويل ونحيل وأصلع الرأس لا شعر فيه
الظابط :اهدئي ويرفع سماعة الهاتف"الآن يا سعيد تبحث عن "سيد طلمبه" من تحت الأرض...حقيبة يد...شكرًا" ويغلق الهاتف
وبعد نصف ساعة من تلك المكالمة
دخل سعيد للظابط عماد وفي يده الحقيبة و"سيد طلمبه"
عمادل"سيد" : ألم تجد إلا تلك السيدة الكبيرة لكي تسرقها؟
ويعطي الظابط الحقيبة لرقية لتجد هاتفها يرن ولا تبالي تشكر الظابط واستقلت التاكسي وعادت منزلها في الحال واستلقت على الأريكة لا تتحدث مع احد ولم تبتاع شيئا للمناسبة
بعد تلك الساعة جدت رقية جرس الباب يدق فقامت تفتح لتجدها زهرة "رقية؟؟أين كنت؟ لماذا تأخرت؟ أين ذهبت؟
رقية: لقد تركتيني في الزحام تعرضت لحادث سرقة شنيع
زهرة:سرقة؟؟كيف احك لي
رقية:سرقت مني حقيبتي بكل ما فيها ولكن لا تخبريهم على الاطلاق
زهرة: ماذافعلت؟
رقية: دخلت حررت محضرا عاد الظابط إلى الحقيبة والحمدلله كانت سليمة لم ينقصها شيء
زهرة: ولم تبتاعي شيء
رقية:بالطبع لا
وبعد أسبوع تم التحضير لحفل كبير فكان سبوع"علا" تم احضار كعكة كبيرة لعيد ميلاد الأولاد الكبار
رقية هي سيدة في العقد الرابع من عمرها تتميز بقوامها الممشوق وشعرها الأصفر الناعم تتميز بأناقتها وتمشي مختالة وفرحة بجمالها لدرجة يظنها البعض أنها مغرورة على عكس زهرة التي تكبرها بسنوات قليلة لم تهتم بنفسها ,دائما ما تعشق المطبخ فهي ربة منزل بدينة شعرها مجعد خشن تربطه بالمنديل طول النهار,رائحتها عفنة فتغمرها رائحة البصل والثوم طول الوقت
مرت السنوات وكان على علياء وهشام أن ينتقلا للمرحلة الاعدادية وكانت علا التحقت بالصف الأول الابتدائي في مدرسة شقيقتها فكانت علا في يوم من الأيام تلعب مع صديقاتها في الفناء حتى جاء الدور على واحدة من زميلاتها فسألتها"ماذا يفعل والدك؟ماذا يعمل؟
علا: والدي يعمل في الخشب
صديقتها:أنتي إذن فقيرة لا نلعب معك ولست صديقتنا هيا امشي من هنا
علا:كلا بل أباك, أبي ليس فقيرا
نهلة:بل فقير يبيع الخشب
علا:اسكتي يا حقيرة لا تكلميني هكذا
نهلة:بل أنت حقيرة
وسمعتهما المعلمة التي تشرف على الفصل أخذتهما عند مديرة المدرسة التي قامت بضرب علا و نهلة وأمرت ألا يحضرا إلا بأولياء أمرهما
وفي اليوم التالي أخذت رقية خطاب المدرسة التي أعطته المديرة لعلا وذهبت للمدرسة توجهت لمكتب المديرة"صباح الخير معك ولية أمر الطالبة"علا عبد السلام"
مديرة المدرسة: أهلا وسهلا
رقية"بشدة":لقد حكت لي علا ما حدث لماذا فعلتي معها ذلك
المديرة:أهانت زميلاتها
رقية:بل هم من أهانوها في الأول ألم تعرفي من هو والد علا؟
المديرة: من يكون؟
رقية:الحاج عبد السلام أكبر تاجر أخشاب في حي المناصرة ويبيع الموبيليا له فروع هنا وفي دمياط
المديرة: أعتذر لسيادتك
رقية:لا بل لعلا ولست أنت بل زميلتها هي من تعتذر لها أمام زملائها
نحن من سكان حي الزمالك أرقى أحياء القاهرة وأتمنى ألا يحدث ذلك مرة أخرى
كانت علياء على الرغم من عنفوانها متميزة دراسياً وكانت من المتفوقين في الدراسة وهشام أيضاً ولكنه كان هادئ الطباع دائما يقف وحيد لا يلعب مع أحد لا يتكلم مع أحد فأتما الدراسة الإعدادية بنجاح كبير لكن كان على علياء أن تنتقل لمدرسة أخرى لدراسة المرحلة الثانوية فكانت في مدرسة للغات انتقلت إلى مدرسة تجريبية فاعترضت علياء معللة عدم ترك شقيقتها بمفردها
فتدخلت والدتها: ماذا تقولين؟ ألم تريدي أن تدخلى الجامعة وتحققي حلمك؟
علياء"تبكي::نعم يا والدتي أريد, لكن ما تلك المدرسة التي سأكمل بها تعليمي؟
لابد أن أكمل في مدرستي مثل هشام
والدتها: ماذا أفعل؟ لا يوجد قسم ثانوي في مدرستك
وفي النهاية رضيت علياء بالأمر الواقع وانتقلت للمدرسة التجريبية وفي يوم من أيام أول عام في المدرسة رجعت علياء غاضبة تبكي فلحقتها والدتها:ما بك؟
علياء"تبكي":لأني بصراحة لا أستطع المضي في الدراسة باللغة العربية يا أماه خصوصاً في مادتي الرياضيات و العلوم
والدتها: لا عليك يا عزيزتي سأتيك بمدرس في هاتين المادتين لكي تعبرين هذا العام بنجاح
علياء"مازالت تبكي" :يا أمي أنا لم أستطع التكيف مع زميلاتي الجدد في المدرسة فهم يكرهونني
والدتها:بل يحقدوا عليك لأنك أجمل وأذكى منهم لماذا لا تفهمين هذا؟الآن والدك ينتظرك على مائدة الغذاء قومي لكي تأكلي معه
وصل كل من "علياء" "هشام" للثانوية العامة كانت نتيجة امتحانات نهاية العام فحصل كل منهما على مجموع ضئيل يعجزهم عن الالتحاق بكلية أحلامهما فظل كل منهما يبكي في منزله على حدة فلحقت والدة علياء بها:تلك هي نتيجة استهتارك بدروسك ولكن لا عليك هناك المزيد من الفرص تلتحقين بها ولكن عليك الاجتهاد ومضاعفة مجهودك أضعاف كي تلتحقي بالكلية المرغوب فيها اضطرت علياء إلى الالتحاق بالفرص الأخرى في امتحانات الثانوية العامة وفي اليوم الأول من الامتحانات خرجت علياء بعد الامتحان لتجد من ينقر على كتفها:ماذا فعلت يا علياء اليوم؟
اندهشت:هشام؟؟ ماذا تفعل؟
هشام:جئت من أجل اللحاق بالفرص الأخرى في امتحانات الثانوية لألتحق بكلية أحلامي واقسمت بيني وبين نفسي ألا أضيع قتي فيما لا يفيد
علياء:لا أصدق قل لي لماذا التحقت خلفي بالامتحانات ؟
هشام:في الحقيقة جئت خلفك لأكون معك ولأشجعك أن تضاعفي مجهودك لتنالي المجموع الذي تستحقينه
علياء: شكرا على دعمك والآن هيا للمنزل ليس لدينا وقت لنضيعه
ورجعا سوياً للمنزل ودخل كل لغرفته وبدأت علياء تفكر بينها وبين نفسها"لماذا جاء؟هل يحتاج فعلا للمجموع الكبير؟ أم ليشجعني؟ ولكن ما السبب وراء التشجيع؟هل يحبني؟ إذن لماذا لا يعترف يخلصني؟" وقاطعتها والدتها:هيا للغداء فوجدتها شاردة فقالت بصوت عال: ما بك يا فتاه؟هيا قومي
علياء:لاشيء بعدين
انتهى كل من علياء و هشام من الامتحانات وفي انتظار النتيجة والتي تظهر بعد أسبوعين من انتهاء الامتحانات واختارت الأسرتين قضاء هذه المدة في الأسكندرية للتخلص من حرارة الجو في القاهرةففرح الجميع وقام الكل بتجهيز الحقائب التوجه في فجر اليوم التالي إلى منزلهم الكبير بحي المنتزه بالأسكندرية
وصل الجميع في الحادية عشر صباحاً ,وقفت السيارات أمام منزل كبير أنيق من ثلاث طوابق أمام أحد شاطئ المنتزه وبدأ الجميع في ترتيب الغرف وفي الساعة الاحدة ارتدى الجميع ملابس الشاطئ وذهبوا جميعهم للاستمتاع بالبحر والرمال الصفراء الناعمة في بناء القلاع والبيوت ثم بعد ذلك ارتموا في أحضان المياة الزرقاء الصافية لغس الهموم و الأوجاع التي اتفق الجميع على تركها وراء ظهورهم
بعد أسبوعين من هذا اليوم, كانت نتيجة امتحانات الفرصة الثانية من امتحانات الثانوية العامة فاستيقظ هشام كان يبدو عليه بعض القلق فقابله الده على الافطار :ما بك يا هشام؟
هشام"قلق":لا شيء يا والدي فقط من النتيجة أخشى ألا أستطع أن أحقق هدفي في الحياة لكن أين علياء؟
والده:لا أعرف ربما نائمة في غرفتها تخاف هي الأخرى على مستقبلها
في حين قدوم علياء من غرفتها يبدو عليها القلق فيقابلها عمها:ما بك يا فتاه؟اصمدي
أبشروا يا أولاد خيرا ولا تقلقوا فمن جد وجد من زرع حصد أنتم تعبتم اجتهدتم كثيراً في انتظار لحظة الحسم فهيا للشاطئ العبا وامرحا ولا تبالوا بأي شيء
علياء:لا استطع يا عمي فأنا قلقة أنتظرها هنا
عمها: هيا يا فتاة لا تكوني كسولة ويكون البقية مثلك وأنا سأوافيكم بالأخبار لاحقاً
في الثانية عشر ظهرًا أخذ رضا أخيه وذهبا لأحد مراكز الانترنت في حي المنتزة جلس أمام أحد أجهزة الحاسب وأدخل أرقام الجلس فكانت البداية مع رقم جلوس علياء فجاءت النتيجة"علياء عبد السلام ناجح بنسبة 95%" بعدها أدخل رضا رقم جلس هشام فجاءت النتيجة"هشام رضا ناجح بنسبة 94%" وذهبا الأخوان إلى محل الهواتف الذكية أمام الشاطئ وابتاعا جهازين من أجهزة الهاتف الذكية مما بها "فيسبوك" و"واتساب" وفاجأ بهما الأولاد على الشاطئ فقامت زهرة:ما هذا يا عبد السلام؟
عبد السلام: ما بكما انها هدايا المتفوقين
رقية: من فيهما تفوق
رضا:الاثنين نفس المجموع تقريباً نجحتما بتفوق فهشام حصل على 94% أما علياء حصلت على 95% وهذا هو بيان بالدرجات لكل منهما
قام الأمان رقية وزهرة واحتضنا أولادهما مهنئينهما على النجاح والتفوق استلم كل منه هاتفه مزود بخط لسهولة التواصل بينهما فينظر هشام بنظرة إعجاب لعلياء "لا تخافي اليوم نستطيع تحقيق حلم حياتنا الذي حلمنا به سوياً" فتنظر علياء باندهاش"سوياً"
هشام:نعم سويا لا تقلقي ولعل التنسيق يخدمنا في ذلك يا عزيزتي
في الأسبوع التالي انتهت الأجازة الصيفية وعاد الجميع للقاهرة محملين بأجمل الذكريات أجمل اللقطات التي حملتها هواتفهم الحديثة وعندما دخلت علياء غرفتها جدت رسالة"اتساب"فيها "أحبك" قلب أحمر كبير فهاتفته على هاتفه ولكنه لم يبالي بالمكالمة عندما أخلد الكل للنوم في المساء رن جرس هاتف علياء فردت:ألو
رد هشام: أحبك
اندهشت علياء:معقول؟
هشام: نعم أنتي فأنت معي في كل وقت في صحوي أحلامي وفي كل وقت
علياء:منذ التقيتك في امتحانات التحسين وأنا أسأل نفسي ما الذي دهاك لذلك
هشام: نعم أعدك سيكن الزواج في القريب العاجل ربما بعد الانتهاء من دراستنا الجامعية لأنها دراسة مليئة بالتعب والشقى من أجل التدريب العملي والنجاح بتفوق
علياء:هل سننتظر كل هذا الوقت؟
يتبع
ممكن تقترحولي اسم آخر للقصة دي يا جماعة
وشكرا
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات