على ضوء الأباجورة الخفيف أستمتع بدفئ الغرفة و جمال منظر الثلج المتطاير في آن واحد.



لا ينقصني سوى كوب من القهوة ليكتمل المنظر الشهير،لست من محبي القهوة في المساء، بل أفضّل إنهاء يومي بكوب شاي مهدئ خصوصا بعد يوم مليء و حافل كاليوم.

نهضت نحو المطبخ لتحضير شايي، و ضعت الماء في الغلاي، و قليلا من عشبة اللويزة أو verveine كما يطلق عليها بلهجتي المحلية، لست على دراية بمسميات الأعشاب في اللهجات العربية الأخرى، لكن هي عبارة عن عشبة مهدئة للأعصاب و تعطي شعورا بالدفئ و رائحتها تبعث الراحة و الاسترخاء في الجسم، اختلط صوت الغلاي الكهربائي بصوت رنة الهاتف ، و صلتني رسالة من المكتب مفادها: لك حق الاختيار في العمل عن بعد لليومين القادمين نظرا لظروف الطقس، يبدو أن هناك عاصفة ثلجية متوقعة.

لنرى... خريطة المنطقة كلها حمراء الوضع صعب على ما أظن، في مثل هذه الحالات الطرقات تكون مغمورة بالثلج تصعب القيادة و حتى المشي و ترتفع حوادث السيارات، أنا أسميها مهرجان التحزلق، فما يسببه الجليد من انزلاق يؤدي إلى سلسلة حوادث قد تضم عشرات السيارات في حادث واحد، دعوني أشير إلى نقطة مهمة أو الأصح، إلى نعمة تتمتع بها دول العرب بالأخص منطقة البحر الأبيض المتوسط، اعتدال و لطافة الجو في هذه المنطقة من أكثر الأشياء التي يمكن لسكان المنطقة أن يكونوا محضوضين بها، يعيشون أربعة فصول كاملة و ينعمون باعتدال درجات الحرارة في كل فصل، على عكس بلاد القيقب الهبوط و الارتفاع الحادين المفاجئين لدرجات الحرارة من العوامل التي تسبب إزعاجا و ضغطا نفسيا للناس رغم جمال البلاد و المنطقة، سرعان ما تنتهي معاناة البرد القارس ترتفع درجات الحرارة إلى أقصاها ليحل الصيف، مضحك بعض الشيء لكنه متعب، من الشتاء إلى الصيف مباشرة و قبل أن تستوعب صدمة الصيف سيأتيك الشتاء مباشرة كذلك.يكفينا نشرة أحوال الطقس فقط أحببت إثارة الانتباه لنقطة مهمة و تنوير البعض أو من هو مقدم على العيش هنا، تفاصيل بسيطة كي تكون الصورة واضحة أكثر.


المهم جهزت شايي و سأعود إلى حضن أريكتي، و قررت كذلك أن لا أخرج إلا للضرورة، لدي ما يكفيني لأسبوعين في الثلاجة ليس فقط ليومين، سأستمتع بالدفئ و كوب الشاي هذا الآن و أكمل مشاهدة الجزء الثامن من مسلسلي المفضل، ريثما و صلت البيتزا. ليلة الدلال بامتياز أشعر أن غدا بداية عطلة، لا أدري لما رغم أني سأستيقض للعمل باكرا، لكن إحساس عدم مغادرة البيت لن يفهمه إلا البيتوتيون بطبعهم، لهم القدرة على اختلاق أنشطة منزلية خاصة بهم و جو رومانسي يصعب مقاومته، حتى و لو كان مجرد أكل فشار فالبيتوتي و البيتوتية سيجعلون له طقوسا خاصة.

هذا الشاي فعال بدأت أشعر ببعض من الاسترخاء إن لم يكن نعاسا، لكن ما زال الوقت مبكرا الساعة تشير إلى السابعة و النصف مساءا، لا زالت الأمسية في بدايتها، مازلت سأتناول وجبتي، على ذكر الوجبة عامل التوصيل سيصل في غضون 8 دقائق و الثلج بدأ مسبقا بالتساقط، من الأفضل أن أدخل السيارة الآن قبل فوات الأوان، كي لا أظطر لممارسة الأعمال الشاقة لاحقا هذا إن استطعت إيجادها تحت أكوام الثلج، سأوقف الحلقة و أنزل بسرعة إلى المرآب و في طريقي أستلم طلبيتي، عصفورين بحجر.



بعد مرور الثماني دقائق، وصلت الطلبية، و يالا الصدفة ، عامل التسليم من دولة عربية، تحدثنا لدقيقتين أو ثلاث، سعدت كثيرا بلقاءه، و سعدت أكثر بالتحدث بالعربية فمحيطي لا يسمح بذلك في الغالب، فرحتي لا توصف، التقيت عربيا ، دفئ من نوع آخر، يختفي إحساس الوحدة حتى و لو لمجرد بضع دقائق.



ياإلاهي رائحة البيتزا تداعب أنفي، رائحة الفلفل الطري، و رائحة الزعتر البري، أفقدتني صوابي و مذاقها أروع و الجبن المطاطي أروع و أروع ، لا شك فهي من طباخ إيطالي، و الأحسن في المنطقة، لكن مع ذلك تظل البيتزا التي تصنعها أمي ألذ و لا شيء يعلو عليها، لا أدري ما السر فرغم بساطتها إلا أنها ألذ، يمكن لأنها من يد الغالية، مجرد نفسها في الطبخ يجعلك تشعر بكل أنواع الارتياح و الراحة و اللذة و الدفئ و كل شيءٍ حلو، لأنها هي كل شيء حلو.


سأكمل أكلي و أشاهد مسلسلي قليلا بعد، ممكن أنني سأكتب خواطري قليلا أو أقرأ بضع صفحات من كتاب تخصص كان يجب أن أنهيه الأسبوع الماضي لكني تهاونت. و سأنهي أمسيتي معكم هنا.

تصبحون على ألف خير.




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات نغم الحياة

تدوينات ذات صلة