أنا من غزة أنادي كل حرٍ شريف... أغيثونا... غزة تستغيث نخوتكم، شهامتكم، يا كل أحرار العالم...

ليالٍ من الرعب أصبحنا نعيشها، أصوات طائرات ال f16 تبعث الخوف والرعب في قلوب الأطفال اللذين لم يبلغوا من العمر شيئاً بعد... حتى أنها أصبحت ترعبنا من شدة استهدافاتاها العنجهية والعشوائية المتتالية.

قصفٌ عنيفٌ يهز المدينة، عائلات بأكملها تتناثر أشلاءً تحت الركام، منازل مدنية يتم استهدافها بوحشية دون سابق إنذار، تودع الأم فلذة أكبادها من قصفٍ مريعٍ لا يرحم، وأخرى تلحق فلذت أكبادها في موكبِ الشهداء الذي لا ينتهي..

استهدافات متتالية دون توقفٍ لأبراجٍ سكنية لمدنيين آمنين مطمئنين في بيوتهم..

مجازر وحشية وانتهاكات لكل القوانين الدولية يمارسها العدو بحق غزة..

بأم عيني رأيت استهدافاً لإحدى السيارات المدنية بصاروخ استطلاعٍ جوي أسفر عن ارتقاء طفلٍ لم يبلغ العاشرة بعد!

ثم يتحدث العدو عبر إعلامه الكاذب " لقد قمنا باستهداف المنظمات الارهابية في غزة"

أجلسُ وعائلتي مساءً في غرفة واحدةٍ مكتظة، نلهج بالدعاء، لا نمل أبداً، نواسي بعضنا ونصّبر بعضنا بقول الله عز وجل " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" " وبشر الصابرين"

" حسبنا الله ونعم الوكيل" ننتظر بفارغ الصبر ساعات الصباح لكنها تأبى إلا أن تعاند فتمشي عقارب الساعة بسرعة السلحفاة وأبطأ...

نردد الشهادتين طيلة الوقت لأنه في أي لحظة ربما تباغتنا غارة صهيونية ونكون في عداد الشهداء.

ما أصعب الليل ما أقساه، أدركت الآن حقيقة أن تنتظر إشراقة الصبح رغم أن الصبح والليل في قاموس حياتنا أصبح واحداً...

قصفُ المدفعية في الليل وفي النهار واحد، طائرات الإحتلال لا تمل من استهداف الآمنين المدنيين، حتى أنها تعرضت للمستشفيات!!

تخيلوا معي حجم الكارثة، أن يتم استهداف أمكان صحية لعلاج المرضى والجرحى؟

تخيلوا معي شعور طفلة صغيرة فقدت كل عائلتها!

شعور أمٍ فقدت كل أبنائها، زوجها، وأحفادها!

شعور شابٍ عشريني كان يجهّز نفسه للزواج بعد العيدِ مباشرة فيتم استهداف خطيبته، وآخر قد لحق بخطيبته إلى الجنة...

شعورنا نحن جميعاً عندما اشتعلت نيران الحرب ونحن في عيد!

شعور أن تفقد بيتك، أحلامك، ذكرياتك كلها!


حتى بيوت العبادة لم تسلم، الإعلام لم يسلم، مكاتبنا الثقافية لم تسلم.

كل شيء في المدينة أضحى دماراً وركاما...

فأين أنتم يا عرب؟ أين أنتم يا مسلمون؟

ستبقى حروفي خير شاهدٍ على جرم الاحتلال فربما في أي لحظةٍ قد أرحل من عالمكم، أتوسلكم ألا ترضخوا للاحتلال، أن تنصروا غزة، أن تحموا قدسكم الشريف، أن تكفوا من التطبيع مع العدو، أن ترحموا أطفالنا اللذين مازلنا نضحي بهم من أجل الوطن!

الرحمة للشهداء جميعاً والعوض القريب لكل من فقد غالٍ أو حبيب..

لا مواساة لكم يا أهل غزة إلا رب الكون وحده، فهو معكم أينما كنتم، وهو القادر على نصرتكم.

اللهم نصرك الذي وعدت، اللهم فرجاً من عندك.

السلام على أرواح شهداء غزتي والنصر والانتصار لقدسنا الشريف...

18|5|2021

الثلاثاء

غزة


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

طمنينا عنك وعن عائلتك؟ 😭😭
ربنا ينصركم ويحفظكم بحفظه يارب..

إقرأ المزيد من تدوينات وفاء إسماعيل

تدوينات ذات صلة