عندما تخلصت من كتبي أشعر بأن حركتي أصبحت خفيفة، ورؤيتي أكثر وضوحاً، وحملي أخف، التخلص من الكتب مرحلة في عمر القارئ ولها فلسفتها الخاصة والعميقة.

انتهزت فرصة الفراغ مع حظر التجول بسبب فايروس كوفيد 19 لترتيب المكتبة وهي المهمة التي أجلتها كثيراً، فظهرت لي كتب ابهجتني، وأخرى أهديتها، وثالثة تخلصت منها، حينها تنفست المكتبة وأطلت الكتب بشكل أنيق، واضح، جذاب يغري بالتصفح وإلقاء نظرة، لقد احتفظت بالكتب التي أحب والكتب التي توسع مداركي، وتساءلت لماذا حدث ما حدث؟

صارحت بعض الأصدقاء بما فعلت، ومع الحوار تبين أن لهذه الخطوة أسباباً منها:

-أن بعض الكتب تمت قراءتها ومعرفة ما فيها، بل والرجوع إليها كثيراً بحيث لم يعد لديها ما تقدمه لي.

-أن بعض الكتب مناسبة لفترة سابقة، ولا يمكن أن تستمر في العطاء.

-أن بعض الكتب جاءت كهدية وأخذتها مجاملة فحان وقت التخلص منها.

-أن بعض الكتب لا تتناسب مع الميول الذي بدأ يتضح أكثر.

عثرت وأنا أرتب المكتبة على كتاب بعنوان (رماد الكتب) يتحدث مؤلفه عن إحراق وإغراق الكتب ويروي قصصاً من التراث العربي والصيني والأوربي مع هذه الفعل ألا وهو التخلص من الكتب ويذكر أسباباً لذلك فردية وجماعية، ولا تتحمل هذه التدوينة سرد النماذج التي ذكرها صاحب الكتاب، أشعر ببهجة غامرة وأنا أرى استفادة الأصدقاء والأقارب من هذه الكتب، وأشعر ببهجة أخرى لارتياح الكتب الباقية وتمددها في المكتبة، وكأني بها تنظر إلي بامتنان على توسعة المكان ومراعاة الزمان.

عندما تخلصت من كتبي أشعر بأن حركتي أصبحت خفيفة، ورؤيتي أكثر وضوحاً، وحملي أخف، التخلص من الكتب مرحلة في عمر القارئ ولها فلسفتها الخاصة والعميقة.





ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

هذه آخر فكرة ممكن أفكر فيها أني اتخلص من كتبي حتى لو الكتاب ما أحبه أو هدية مستحيل أتصرف بهذا التصرف لأني ما أقدر اعتمد على ذاكرتي من ناحية اللي قرأته في مكتبتي !

إقرأ المزيد من تدوينات مدونة تركي الشثري

تدوينات ذات صلة