تخيل طاولة مكتبك نظيفة جداً ، وذهنك نظيف جداً ، وعلاقاتك نظيفة جداً ، لدرجة البريق واللمعان ، فأي نشاط وهواء نقي ستتنفس


طرأ علي وأحببت تنظيف طاولتي من الكتب والأوراق والمشاريع التي لا تنهض لها همتي أو لا تصلح لي أو لا تستحق الطاقة الموجهة إليها، وليس هذا بغريب، فكل ما زادت خبرة الإنسان عرف نفسه، وعرف العالم الذي يعيش فيه، وعرف ما لم يكن يعرف، فأفاده ذلك توفراً على ما يحسن، وإقبالاً على ما يسر إليه، وازوراراً عما لا يعود عليه بغاية النفع والكمال، إنها مرحلة شريفة وحال منيفة وحضور كثيف على ما تحب وتجيد، ولسائل أن يسأل وهل عدمت فائدة من الذي تركت، وأقول بل نلت كل الفائدة والدليل أنه أخذ بيدي لمعرفة نفسي، ومعرفة العالم الذي أعيش فيه، ومعرفة ما لم أكن أعرف، إنها تجارب وخطوات ودروب ومسارات كشفت لي الكثير، وقنعت منها بما أسلفت فشكراً ثم شكراً.

فما هي نظرية الطاولة النظيفة؟

إنها فكرة عنَّت لي بممارسة ما سبق ذكره، فقلت أفيد غيري كما استفدت، إن في حياتك أفكاراً، وأشخاصاً، ومشاريعاً، استفدت منها، أعطتك وأخذت منك ، نفعتك وضرتك، أقامتك وأقعدتك، أما آن الأوان لتنقية الأفكار، وتمحيص الأشخاص، وتهذيب المشاريع، إن في حياتك أشياء بعضها فوق بعض، لا بد لها من ترتيب وتصفية، تخيل طاولة مكتبك نظيفة جداً، وذهنك نظيف جداً، وعلاقاتك نظيفة جداً، لدرجة البريق واللمعان، فأي نشاط وهواء نقي ستتنفس، من الجيد الوقفة الجادة في ذروة العطاء لفحص المناشط، وتكميل ما يحتاج إلى تكميل، وتأسيس ما يحتاج إلى تأسيس، وهدم ما يحتاج إلى هدم، والتخلص مما لا تحتاج إليه، كي تقف على أرضية صلبة واضحة فتبني بناء متيناً متألقاً يوازي ما اكتسبت طيلة عمرك من معارف وتجارب، إن نظرية الطاولة النظيفة تتيح لك النظر من كثب لأولوياتك في الحياة، ثم هي تهيئك للتركيز الشديد على عمل وحيد تقبل عليه بكليتك ولا تتوقف حتى تنجزه باقتدار، لتلتفت إلى غيره وأنت في كامل التألق والحضور، إنها بوابة العمل بما كَدَّست من مقولات لا نفع فيها ما لم تكن إنساناً يمشي برجلين، ويتمثل الثقافة كواقع ملموس، بدأت الطاولة النظيفة كتدوينة في موقعي الشخصي ثم تحولت لكتاب، سيرى النور قريباً، هذه التدوينة لك، خذها ونظف طاولتك.






ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مدونة تركي الشثري

تدوينات ذات صلة