ما هي فكرتك عن الملائكة شكلهم وطبيعتهم هل يتحدثون؟ هل يفكرون بعقول؟ هل يتقدمون في العمر؟ هل هناك تشابه بيننا وبينهم في أي شئ؟**



كان هناك أشياء تباع وتشترى .. مكانا ً يشبه الأسواق .. لم يكن مع المارة ولا معى شيئا ً من النقود.. الباعة هناك يبدو عليهم الوقار والحكمة .. يتدثرون ثيابا ً بيضاء .. لهم وجوه مضيئة يعتليها الرضا .. كنت أتساءل مالهم لا ينادون الزبائن لبضاعتهم ؟! ولا يضعون عليها أسعارا ً .. ولا يهتمون ببيعها ؟! أما البضاعة المتراصة فى خزائن زجاجية .. لم أفهم ما هي .. وفيم تستخدم ؟! جعلت أترقب ما يجرى حولي بلا تعليق .. رأيت الباعة – مما أثار دهشتى – لا يتحدثون إلا لمن أقبل عليهم وبدا رغبته الجادة فى شراء بضاعتهم القيمة .. انتظرت طويلا ً .. تجولت حولهم .. كى أعلم من هؤلاء الباعة ؟ وماذا يبيعون للمارة .. ولما ازدادت دهشتى و بدأ الفضول يزعجنى .. اقتربت من أحد الباعة .. ألقيت عليه التحية .. ثم سألته أخيرا ً :هل لي أن أعرف ماذا تبيع ؟ قال : أخبرينى أنتِ ماذا تحتاجين ؟ قلت : أحتاج أن أعرف ما الذى تبيعه، أخبرنى عن بضاعتك وإن أعجبتنى سأبتاع منها ما يكفينى وبالثمن الذى تريده .. قال : بضاعتي هي مفتاح الأبواب المغلقة .. هى الدواء إن أصابك الجزع .. إن لم تستطيعى على الحياة صبرا ً .. بضاعتى "الصبر"إن أعجبتك فلتأخذي ما تحتاجين .. ولا تدفعي ثمنا ً .. فإن أجري على الله .. انتابني إحساس بالراحة تخلل دهشتى التى بدأت منذ أن بدأ المشهد .. أخذت من بضاعته القيمة ملأ حقيبتي .. وبدأت أطرح عليه أسئلة جديدة .. ماذا يبيع زملاؤك ؟ هل لديهم قناعة ؟ سعادة ؟ هل لايأخذون ثمن مقابل بضاعتهم مثلك ؟ ألفيت الرجل صامتا ً تماما ً لا يجيبني .. كان ينظر للأفق البعيد متأملا ً كأن شيئا ً ما يجذبه أو يحادثه .. فهمت حينها أنه قال ما يجب قوله .. وليس هناك المزيد .. لذا أصر على الصمت ..أخذت حقيبتي بما فيها .. جلست بعيدا ً أترقب لعلى أفهم شيئا ً جديدا ً .. إلى أن راحت الشمس تختفى وراء الغيوم .. وبدأ المارة أيضا ً يختفون شيئا ً فشيئا ً .. والباعة يجمعون بضاعتهم ويمضون قدما ً دون أن ينظروا خلفهم .. ذهبت أنا الأخرى ولم أنظر خلفى .. بعد أن أصابنى اليأس .. الغموض إزداد غموضا ً .. وأسئلتى ظلت بلا إجابات .. حدثني عقلي بأن أولئك الباعة .. بهذه الهيئة النقية .. وقلة حديثهم مع البشر .. وعدم تقاضيهم ثمنا ً لما يعطونه للبشر .. بضاعتهم صبرٌ .. وأملٌ ..أظنهم ملائكة هبطوا ليضعوا بصمتهم الطاهرة على الأرض .. واستقرت هذه الفكرة بخاطري .. وكانت هى الإجابة الوحيدة على أسئلة تساورني ....

مروة جادو

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مروة جادو

تدوينات ذات صلة