تدور أحداث الرواية حول مراهق يجد نفسه بين جدران السجن ، فيتعهد بقول حقائق مخفية يتزعم أنها السبب في دخوله السجن ، ليكشف الستار عن حقائق أخرى ..

....كنت صغيرا لأميز أي نوع من الناس هؤلاء ، وأستغرب كيف أن هؤلاء الناس الذين خطفوا بصري منذ طفولتي إلى هذا الحد ، وأثروا في تكوين نفسي تأثيرا عميقا يجعلني غير قادرا على نسيان شكلهم حتى ومدى غرابتهم ، إذ أنهم لا زالو لغزا غامضا لست قادرا على فك مفاتيحه إلى الأن ، لك سيدي أن تعلم أولا سياسة الشعوب وخطة قادة العالم التي يسيرون بها الناس دون أن يدركوا شيئا ، وهؤلاء الناس كانوا مجرد دمى يتحكمون بها لينظموا قوانين اللعبة ، فالعالم كان أشبه بطاولة تعتليها لوحة الشطرنج ، ونحن البشر وعامة الشعوب كنا القطع التي يُلعب بها ، من الجنود أو البيادق إلى الحصان أو الفارس ، ومن الحصان إلى الفيل أو الاسقف ، ومن الفيل إلى الرخ أو القلعة ، ومن القلعة إلى الوزير أو الملكة ، ومن الملكة إلى الملك أو الشاه ...غير أنهم هنا يلعبون بأشخاص على قيد الحياة ، فلا يختصر الأمر على تحريك تلك القطع الخشبية المصنوعة بعناية ، بل كنا نحن ، نحن البشر قطعهم . فلتعلم يا سيدي أنهم يأخدون شخصا عاديا من وسط الشعب ويجعلونه بطلا في عيون قومه ، بطلا يقود حشدا من العامة بعد أن يوهمهم بإحتجاجاته ومطالبته بحقوقهم إلى جانبهم ، ويجعلونهم يعتقدوا أنه واحد من نفس الشعب المتضرر .. وبعد أن يكسب البطل المزيف ثقة الجميع ويخضعون لتعليماته ، تستعيده الفئة الحاكمة وتجعله يلقي بتعليماتهم ومطالبهم المراد العمل بها منذ البداية للشعب نفسه بعدما قد كسبهم جميعا لجانبه فيجعلونهم يخضعون لقوانينهم وتعليماتهم دون أن يدرك الشعب بذلك .... معتقدين أنهم قد ربحوا القادة وأنهم إستسلموا لقوى الشعب ... ، وفي لحظة تجد الشعب نفسه يسير وفق مخطط الأيادي العليا ، وهكذا تكون الخطط السياسة التي تسير بها المجتمعات منذ بداية الإنقسامات الدولية تلك ، لكن الحقيقة واحدة ، سياسة كبرى تقود العالم وفق مخطاطتها .. شعب مسير نحو الهاوية ، يقودون حشدا من العامة ويلعبون بهم لعبة الشطرنج ، ملك واحد يحكم كلا الجانبين على الطاولة ، معسكرات وبيادق واحدة تخدم حاكما واحدا ، وعندما تفشل الخطة وتبدأ العامة باسترجاع وعيها وتفقد ثقتها في بطلهم فيعود القادة لصنع الشيوخ وفقهاء الدين فيخرجونهم للعامة ويوزعونهم في مختلف الأماكن واحدا تلو الأخر ( ...) فتعود الطبقة العادية لنفس الصفوف ، معتقدين أنهم هزموا القوى والأيادي العليا ثانية ، وتمردهم ضد قوانينهم قد عاد لهم بالربح ، لكن الحقيقة أن اللعبة لعبة ماكرة ، لعبة لها رابح واحد دوما ، والخاسر هو الشعب والطبقة العاملة.. لا وجود لبطل ولا وجود لسياسة ولا وجود لرجال الدين ، هناك حاكم واحد وسلطة واحدة وخطة واحدة محكمة منذ البداية وحقيقة واحدة .. في الحقيقة يا سيدي كنت عندها أمام خيارين ، إما أن أخبر الناس الحقيقة الكاملة وأقبل بمصيري مهما كان أو أكمل بدوري في هذه اللعبة الماكرة وتعود الأمور لسابقها .. أن أكمل بدوري في هذه اللعبة بنفس الإسم الممنوح لي ، وأقبل بهذه الحياة المؤقتة حتى أخر إشعار منهم ، ففي الحقيقة كان والدي واحدا منهم ، غير أنه ليس سوى واحدا من أصحاب المعاطف الصوفية ، كان واحدا من تلك الدمى التي تنظم وتسير ساحة المعركة ، وما إن أراد أن يتمرد ضد ذلك النظام القدر حتى جعلوه مرتزقة وضحوا به هو الأخر ، لقد أخبروا والدي أنهم سيعتنون بنا شريطة أن يوافق على السكوت والخضوع لتعليماتهم كلها ، لكنهم ألقوا به إلى مكان مجهول ، وأخفوا أثره ...ونكروا وجودنا نحن أيضا ، فبحثوا عني أنا الأخر لأكمل مسار والدي ، يخطفوننا من وسط عائلاتنا ويخضعوننا لتدريبات قاسية في أحد المعسكرات البعيدة ، تم يعيدوننا للعالم بهويات مجهولة ،ويوزعوننا في مناطق مختلفة ، ينسوننا ماضينا وهوياتنا الحقيقية ، ويصنعون لنا حياة ومستقبلا أخر ،حسب إرادتهم هم ، لقد خضعت لتعليماتهم لمدة خمس سنوات متتالية ، بينما كان الجميع يعتقد أنني مجرد مراهق في الخامسة عشر من عمره ، إلا أنني كنت مجرد دمية لدى حاكمي هذه اللعبة ، غير أني كنت أحمل ظغينة وحقدا تجاههم ، وأتعهد بالإنتقام لوالدي، لذا قررت حينها أن أنهي هذه الثمتيلية السخيفة ...وأنا الأن في الواحدة والعشرين من عمري ولم أعد أطيق الخروج للشارع وأمثل دور شخص عادي غير موجود أصلا ، إني لست سوى شخص مزيف يحمل إسما وهوية مزيفة ، لم أعد أحتمل الخروج كل يوم وأخشى فيه إطلاق نار محتمل ، أو يتم ردعي ويختفي وجودي كأنني لم أكن ، يسلتزمني الأن أخد الحيطة والحذر .. ففي أي لحظة مجهولة قد ينتهي وجودي ، إني مراقب طيلة الوقت وأي خطأ بسيط صدر مني قد ينهي حياتي في نفس اللحظة ..(يتبع )

حمزة الجهيدي

Hamza EL jahidy

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Hamza EL jahidy

تدوينات ذات صلة