اختيار الصديق الصالح هو الكنز الباقي للانسان في هذه الحياة، فشيمة الاخلاص هي شيمته وأبدا الغدر ليس من خصال الأوفياء

لم تعد صديقتي


تخيلت في يوم أن صديقتي ستبقى بجانبي مهما حدث ومهما كانت الظروف، ولا يمكن في حال من الأحوال أن تبيع صداقتنا لأجل أهوائها ومصالحها بكل سهولة! كنت أعتقد أنها من أفضل الصديقات اللاتي صادفتهن في حياتي، رأيتها نقية صافية كعذوبة الماء، طيبة عطوف كالملاك، حتى اعتبرتها أقرب إلى نفسي مني، تصورت ذلك وقد كنت مخطئة. تسلمت رسالة خطية من مدير الشركة التي أعمل بها تفيد بضرورة تقديم كافة الكشوفات الحسابية في أقل من يومين، ساورتني شكوك كثيرة ولم يكن في الحسبان أنني على وشك الوقوع في كارثة كبيرة، لم أستطع الانتظار توجهت فورا إلى مكتب المدير مستفسرة عن سبب ابلاغي بهذا الأمر، وكانت الصدمة أخبرني المدير أن جميع الكشوقات البنكية للشركة تختلف تماما عن تلك التي قدمتها مسبقا، وأنه تم التلاعب بها! أصابني الذهول وكدت أفقد وعي. لقد كنت أنا وصديقتي نشرف على جميع كشوفات وملفات الشركة الحسابية السرية، وقد حذرني المدير من مغبة التسويف لأن الوقت ليس بصالحي وقد يصل المشكلة إلى الجهات القضائية، حاولت افهامه أنني لست وحدي المسؤولة عن تلك الملفات والكشوفات المهمة، لم يستمع إلى وواصل تحذيره لي وأصر على أنني المسؤولة أمامه، شرحت له الأمر لكنه لم يعرني أي اهتمام وتصورت أنه شخص آخر وليس المدير الذي تعاملته معه سنين طويلة.


شعرت أن الدنيا تدور بي وأن حملا ثقيلا قد أطبق على صدري، وأن أيامي باتت معدودة بسبب هذه المصيبة التي وقعت على رأسي هكذا ومن دون مقدمات، وأن أيامي في هذه الحياة باتت معدودة، حاولت الاتصال بصديقتي مرار لكن هاتفها كان مغلقا، سألت نفسي "لماذا هاتفها مغلق؟ هل تخلت عني صديقتي هكذا وبهذه السهولة؟ وما زاد حزني وألمي هو سماعي لخبر زواجها من مدير شركتنا، تلاعبت بي الظنون وشطحت بي إلى متاهات بعيدة، وهداني تفكيري إلى أنها ربما تكون لعبة قد أحيكت تفاصيلها بين صديقتي! ومدير الشركة وكنت أنا كبش الفداء.


مرت الأيام ثقيلة بطيئة لم أذق للراحة طعم ولا للنوم طريق، اضطر أهلي لبيع بيت العائلة حتى أسدد المبالغ الناقصة في الكشوفات والتي سجلت عجزا شديدا فيها، فسددتها خشية أن يكون السجن هو مصيري.... بعد عشر سنوات من تلك الحادثة، علمت أن صديقتي! قدحدث بينها وبين زوجها خلاف شديد أدى إلى تعرضها لإعتداء عنيف من قبل زوجها ودخولها المشفى في حالة خطرة، وهي الآن بين الحياة والموت، أما زوجها فقد وجهت له تهمة اختلاس أموال تقدر بالملايين من الشركة التي كان يعمل بها، وتهمة الشروع في قتل زوجته. تيقنت وقتها أني أخذت حقي وأن الله قد عاقبهما على فعلتهما النكراء، أما صديقتي فالبرغم من نار الثأر التي اشتعلت داخل صدري، إلا أنها ما لبثت أن انطفأت جذوتها سريعا بعد استرداد حقي منها، فقد تمنيت الشفاء لها من كل قلبي، لكن الآلام التي عايشتها لم أستطيع نسيانها طيلة حياتي، لأنها تسببت في ضياع وظيفتي وتشويه سمعتي وتضحية أهلي بالبيت الذي كان يسترنا ويأوينا.


شعرت أن الله معي بأهلي والمخلصين من الناس الذي وقفوا بجانبي وأسندوا ظهري في محنتي، وعوضني بوظيفة نائبة المدير العام للشركة نفسها يا لسخرية الأقدار!، تيقنت أن الخير لم ينقطع من هذه الدنيا فقد كسبت أصدقاء ومعارف كثر وأولهما أهلي سندي وظهري... أما هي فلم تعد صديقتي.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات خولة الكردي

تدوينات ذات صلة