خذوا دنيانا كلّها ولكن اتركوا لنا هذا الدّين سليما من دنسكم وفتنكم!
العشرون من إبريل/ الثامنة والعشرون من رمضان يوم الخميس.
كان الجو صامتا ومكتوما، والسماء مغبّرة ولونها يُوحي بكآبة جديدة.
لا ينقصها إلا أن تبكي!
كيف لا وهذا رمضان سينقضي!
بقيتُ حزينة هذا اليوم على فراق رمضان..
أهكذا بهذه السرعة وصلنا إلى النهاية؟!
كان هذا أسرع رمضان مرّ على الإطلاق..
لا أدري أكان سريعا لهذه الدرجة، أم نحن اللذين كلما كبرنا عاما أصبحنا نحتاجه أكثر ونحزن لفراقه!
وكتخفيفٍ من شعوري هذا بقيتُ أترقّب أخبار رؤية هلال شوال في البلدان العربية.
وأستفزُّ ماما في كل مرة أقول لها أن دولة أعلنت يوم الجمعة يوم العيد.
فهي أيضا لا تريد لرمضان أن ينتهِ..
في البداية أعلنت وزارة الأوقاف أن غدا يوم عيد، ثم ظهر مفتي دار الافتاء وأعلن أن غدا الجمعة هو المتمّم لشهر رمضان وليس العيد.
في المرة الأولى تكدّر مزاجي، واستسلمتُ لحقيقة أن هذا آخر يوم أصومه في رمضان هذه السنة.
وفي المرّة الثانية سمعتُ الخبر من ابنة عمي، فدعوت لها بالسعادة، وغمرتني بهجة عارمة على إثرها هرعت من المطبخ إلى الصالة أخبر عائلتي بحماسة ما بعدها حماسة!
وكنتُ أظنّ في البداية أن الأوقاف غيّرت من رأيها، لا كما عرفتُ لاحقا أن..
البلاد انقسمت إلى نصفين، نصفٌ سيصوم والآخر سيفطر.
ونحن من الجماعة التي بقيت عالقة في المنتصف تنتظر شيئا مؤكّدا لتعرف هل ستصوم أم تفطر!
إلى أن كتبت حضرة دار الإفتاء الموقرة بيانا آخرا وضّحت فيه أن كل شهادات رؤية الهلال التي وردتها لا تصح لأسباب _ذكرتها وأوضحتها في البيان_ وأن غدا هو المتمم لرمضان.
طبعًا كنتُ وجميع أفراد عائلتنا ممن اتّبع قول دار الافتاء فهي المعنية بهذا الشأن لكل عام!
لكنّ فرحتنا كانت ناقصة برؤية هذا الشعب يُفتن في دينه وينقسم إلى نصفين.
عندما تسمع أن بعض المساجد قامت تُكبّر منذ مغرب يوم الخميس على أساس أن الجمعة عيد، وعندما تسمع أن بعض العائلات كانت تتسحّر لتصوم الجمعة فسمعت تكبيرات العيد فأفطرت!
وعندما ترى صلاة العيد تُقام على يومين!
ولمّا ترى أن أفرادا في العائلة الواحدة بعضهم صام وبعضهم الآخر أفطر!
واللهِ قد أفسدوا للعيد فرحته وبهجته الأولى!
نمتُ ليلة الجمعة مهمومة لهذه الحال التي أراها.. واستيقظتُ صباحا أتفقد حال البلاد، فشاهدت بعض المناطق تصلّي صلاة العيد..
فازددتُ همّا، ودعوتُ: اللهم جنّب هذا البلد الفتن ما ظهر منها وما بطن..
ورجعتُ لنومي.. علّني أهربُ من هذا الكابوس!
ما أبشع الفتنة وناشروها..
عندما ترى بلادًا إسلاميا واحدا ينقسم إلى نصفين، لا في أمرٍ سياسي بل في أمر الدين وشرع الله!
هنا تحزن جدا، تغضبُ جدا..
وتُرثي هذا الدين الذي صارت شرائعه غريبة لا تجد من يطبّقها!
وتبكي دمًا.. وأنت متأكدٌ أن أعداء الدين يشاهدون الذي يحدث ويضحكون انتصارًا وفرحًا..
فما يريدونه قد حدث فعلا...💔
في دعاء رمضان، كان الشيخ يقول:
اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا
الآن أفهم جيّدا أن تكون المصيبة في الدين!
فياارب لا تفتنّا في ديننا
اللهم يا مثبّت القلوب ثبّت قلوبنا على دينك..
خذوا دنيانا كلّها ولكن اتركوا لنا هذا الدّين سليما من دنسكم وفتنكم!
وحسبنا الله ونعم الوكيل!
التعليقات
للأسف ليبيا 💔