أن ما نغترفه من علمٍ هنا وهناك، ليس إلا قطرة من محيط، وليس إلا تذكير بمدى جهلنا الكبير.

أقسم ربنا جلّ في علاه بالقلم، في سورة تستشعر من بدايتها عظمة كلام الله وعظمة هذا الإعجاز الربّاني الذي عجز أن يأتي بمثله أحد.. وتعالى الله الخالق بأن يأتي أحدٌ بمثل ما خلق. سبحانه وتعالى عمّا يشركون. وقد سمّى _جلّ في علاه_ سورةً كاملة من سور القرآن الأربعة عشر بعد المائة بالقلم.

ولأكون صادقةً.. فلم أستشعر يوما عظمة هذه السورة ولم أتساءل عن سبب تسميتها بهذا الاسم، أو عن عظمة القلم الذي أقسم الله به!

"فإن كلّ ما أقسم الله به عظيم".

إلى أن دخلتُ دورة الوفاء لتعليم خطّ النسخ وهي من تعليم وإشراف الخطّاط الأستاذ محمود عبد العزيز ومعلّمات دورة الوفاء المسؤولات عن متابعتنا وتصحيح كتاباتنا وخطوطنا -فجزى الله الأستاذ محمود عبد العزيز وجميع المعلّمات عنّي وعن كلّ المتعلمات في هذه الدورة خير الجزاء- اللهم آمين.


درسنا وتدرّبنا لأربعة أشهر كاملة خطّ النسخ وقواعده بقلم الرصاص العادي.

بدأنا أولا بالحروف المنفردة، ثمّ كل حرف في بداية ووسط ونهاية الكلمة، ثم كل حرف مع اتصالاته بجميع الحروف..

وفي مرحلة متقدمة بعض الكلمات، ثمّ محاكاة آياتٍ من سور القرآن..

ثم أخيرا مشروع التخرّج الذي تضمّن أواخر سورة الحشر وحديثا شريفا.


نُ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ92854221853171070


عندما تتمعّن في هذا العلم الغزير (علم الخط) تجده يحملُ من الجمال ماكان غائبا طالما لم تتعلّمه بنفسك وتجرّبه بيدك وقلمك!

لخطّ النسخ قدرة مذهلة على انتشالك مما أنت فيه وأن تنغمس في التدريب والكتابة!

لطالما كانت الكتابة والخربشة بالقلم في حدذاتها شفاء، فكيف بالامساك بالقلم لتخطّ فيه بأجمل الخطوط العربية وأصعبها!

هذا الخطّ يعلّمك الصبر، والاتقان، والدّقة.. فسبحان الله!


قبل سنتين، بدأت صديقتي بتعلّم خطّ النسخ، وكانت تشاركني بعضا من كتاباتها وتدريباتها التي كانت في غاية الجمال.

كنتُ منبهرةً بها وفخورة بموهبتها التي اكتشفَتها بنفسها وعملت على تطويرها حتى صارت على مستوى عالٍ من الاتقنان والجمال!

كانت تحكي لي عن شغفها بخطّ النسخ، وعن صعوبة قواعده الخاصة بكلّ حرف.

اليوم، وبعد سنتين، فهمتُ الذي كانت تقصده!


في بداياتِ الدورة، كنتُ أشعر بالعار، لجهلي ولخطّي الذي كنتُ أراه مميزا وجميلا ثم أكتشفُ أنني أكتب بخطّ هو بمثابة حبل المشنقة لقواعد خط النسخ بعد أن تعلّمتها وبعد أن اكتشفتُ حجم الكوارث الخطّية التي كنت أصنعها!

وإليكم توثيقا بسيطا لهذه الكوارث التي لن يراها إلا متعلّما لقواعد خطّ النسخ أو عارفا لها معرفة سطحية، فاحمدِ الله إن لم تكن متعلّما لها ورأيت هذا الخط، لأنك ببساطة لن ترى خط النسخ وهو يحتضر بين يدي!


نُ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ86092962306376020


اليوم، وبعد أربعة أشهر..

أستشعرُ أكثر، أن ما نغترفه من علمٍ هنا وهناك، ليس إلا قطرة من محيط، وليس إلا تذكير بمدى جهلنا الكبير، وأنّ هذه الدورة هي بدايتنا لتعلّم خطّ النسخ واتقانه بإذن الله.


أخيرًا في نهاية هذه الدورة، وبعد حفل الختام والتكريم لكلّ المشاركات، أفهمُ عظمة هذا القلم الذي أقسم به ربنا، لا سيّما إن سخّرناه لما فيه خير، وعلّمنا الناس به الخير وشاركناه.

فاللهم اجزي معلّمنا محمود عبد العزيز ومعلمتي إسلام مخيمر وكل مسؤول ومشرف ومنظم لهذه الدورة خير الجزاء، وأسعدهم في الدارين يا الله، وأدخلهم الجنة بلا حسابٍ ولا سابقة عذاب.. إنك مجيب الدّعاء.


نُ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ90400712419011860


____________________________________

#ملاحظة:


*أضعُ هنا رابط صفحة الخطّاط الأستاذ محمود عبد العزيز، والتي يعلنُ فيها باستمرار عن دورات خط النسخ المجانية للرجال والنساء كلّ على حِدا، والتي سيعلن فيها قريبا إن شاء الله عن إعلان لتسجيل دفعة جديدة من النساء في دورات الوفاء لتعليم خط النسخ.

https://www.facebook.com/profile.php?id=100044340294323


*لم يعلّمنا الأستاذ محمود عبد العزيز خلال هذه الدورة خط النسخ فقط، بل علّمنا ما هو أسمى من ذلك! فقد علّمنا قيمة العطاء بلا انتظار لمقابل ولا مدح ولا ثناء، علّمنا أن ننشر الخير ولا نسأل، وعلّمنا أن الله يحبّ إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه،

وأن لا ننسى من علّمنا شيئا من صالح الدّعاء، فكان دائما يقول: "من علّمني حرفا، دعوتُ له دهرا".



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

سارة زين، اللهم آمييين🌸
شكرا لمرورك يا غالية🌹🌸

إقرأ المزيد من تدوينات هِبةُ الحُريّة 🕊

تدوينات ذات صلة