لا أملك أن أقول أكثر من هذا.. ولكنّ أحمد مناصرة، واحدٌ من مئات الأطفال الفلسطينين القابعين في سجون الاحتلال ظلما وزورا..
من لا يعرفُ هذه العبارة وقائلها؟
من لا يعرفُ مناسبتها؟ ومدى همجية الاحتلال وأفعاله المجرّدة من الإنسانية؟!
هذا الاحتلال لا يعرفُ طفلا ولا كبيرا، لا مريضا ورضيعا، ولا نساء ولا شيوخ.
هذا احتلالٌ مجرم، نكّل بنا تنكيلا..
ومكرَ بنا وما زال يمكر.. ولكنّ الله أشدّ مكرا وأشد تنكيلا.
من لا يعرفُ أحمد مناصرة؟
أحمد مناصرة الذي اعتقلته قوات الاحتلال وهو في عمر ال١٣ سنة، بعد أن صوّبت النار عليه وعلى ابن عمّه بلا أي سبب يذكر، ثم دعست عليه وهو ملقى على الأرض.
استشهد ابن عمه فورا، واعتُقل هو مصابا ينزف، وأجروا له عمليات في الرأس.
لكنّ هذا لم يكفيهم، فبعد أن اعتقلوه وجّهوا له تهمة بطعن مستوطن، وحقّقوا معه بهمجية بالغة وهو ما يزال في هذه السنّ الصغيرة.. تخيّل!
عذّبوه أشدّ العذاب النفسي والجسدي..
من لم يشاهد ذلك الفيديو الذي يُبيّن شناعة الاحتلال وهمجيّته..
وأحمد مناصرة يصرخ ظلما وقهرا وألما بأعلى صوت: مش متذكر..
أحمد مناصرة كبر في سجون الاحتلال وزنازينه، صار اليوم شابّا في الواحدة والعشرين من عمره، قضى في سجونهم ثماني سنوات..
نكّلوا فيه وأذاقوه أشنع أنواع العذاب، حرموه من أهله في أشدّ أوقاته وحاجته إليهم، سلبوه عمر الزّهور والشّباب.
صار أحمد شابّا بروحٍ ميّتة ذابلة من شدّة الألم..
جعلوه مريضا نفسيا يعاني من أمراض نفسية خطيرة منها مرض الذهان العقلي!
أوجعوا قلبَ أمّه عليه بل وسحبوا منها سيّارتها وأموالها وذهبها..
وسجنوا قلبها مع ابنها وعذّبوهما معا...
يتعمّدون قتله ببطئ، وتمديد عزله الانفرادي في كلّ مرة، رغم معرفتهم الجيّدة بتدهور حالته الصحية والجسدية.
في محكمة اليوم 13 من مارس 2023 التي عقدتها محكمة الاحتلال المجرم بشأن أحمد مناصرة، قرّروا تمديد عزله الانفرادي مجدّدا، وبهذا فإن أحمد مناصرة يقبع في الزنازين لأكثر من سنة وأشهر!
يقول أحمد شاكيا: أنهم سحبوا عنه المبالغ البسيطة التي كان يرسلها أهله ليشتري بها طعاما نظيفا وصحيّا، وأنه يعاني منذ أكثر من أربعين يوما من آلام في معدته، ولا رعاية صحيّة تقدم له فضلا عن الطّعام الملوّث الذي يقدّم له.
ورغم كلّ هذا يبتسم، فتبتسم أمه معه وتسعد!
هذا الشّاب الذي نزعه الاحتلال أصفى أيام حياته، وجعله يشيخ مبكّرا جدّا، ويمرض مبكّرا جدّا.. كلّما رأيته بقيتُ أتأمّل لطف الله الخفيّ..
بل ولطف الله به وبعائلته رغم كل ما يعانيه..
والصّبر العجيب الذي ألهمهم الله إياه...
إنّني وفي كلّ مرة أحزنُ فيها عندما أقرأ أخباره وأتابعها، أتذكّر أن الله أرحم به من أبويه ومن نفسه.. فأهدأُ كثيرا..
يكفي هذا الشّاب أنّ الله معه ومطّلع عليه، وأنّ الله يخبّئُ له جبالا من الحسنات..
فيا ربّ.. فرّج عليه وخفّف عنه، اللهم انصره وفكّ قيده واجبر قلب أمه بحضن طويلٍ مع مهجة قلبها ابنها وحبيبها أحمد مناصرة.
اللهم إني أسألك باسمك القويّ أن تلهم أحمد مناصرة وأن تمدّه بقوة من عندك هو وأمه وأبوه وإخوته..
إن صدقت هذه المحكمة الظالمة، فسينتزع أحمد حريته في مايو 2024
لكنّ السؤال المؤلم، وبعد كلّ هذا الموت الممهد البطيئ لأحمد..
هل سينتزع أحمد مناصرة حريّته حيّا حقا؟!
أحيانا أقول: ربّما الموت راحة له..
ثم أكفّ فورا عن تفكيري هذا وأقول الله أرحم الراحمين به..
والله وحده يعرفُ علم الغيب.
لكنّني ما زلتُ أتشبّثُ بيوم نجاته وتحريره..
يا الله كم سيكون هذا يومًا سعيدا..
في بداية هذا العام، فرحتُ وقلتُ: لم يتبّق الكثير على حريّة أحمد مناصرة..
ويا ويحي...
أنا أعدّها بمفهومي السّاذج..
وهذا أحمد مناصرة يعدّ اليوم سنينا كثيرة..
لا أملك أن أقول أكثر من هذا..
ولكنّ أحمد مناصرة، واحدٌ من مئات الفلسطينين القابعين في سجون الاحتلال ظلما وزورا..
وقصّة من مئات القصص المحبوسة بين أربع جدران في زنزانة!

التعليقات