ما بين ديسمبرين.. كان على إحدى الهِبتين أن تنتصر!
وصلتني رسالة كتَبتها هبة في ديسمبر ٢٠٢١ إلى هبة المستقبل في ٢٠٢٢..
قرأتها بتمعّن، واختلطت عليّ المشاعر.. فابتسمتُ كحلٍّ وسط!
لأنّي عشتُ كلّ سطرٍ كتبته بالأمس، وتذكّرته بابتسامة امتنان اليوم!

حينها، كتبتُها وأنا في قمّة الإحباط واليأس والتّعب..
كنتُ لا أريد شيئا إلا أن أخرج من دوّامة التخبّط التي استمرّت معي شهورا، غير أن الدراسة كانت تشغلني عن نفسي، رغم كل العناء الذي كابدته حينها لأستطيع تركيز جهدي على دراستي فقط دون كثرة التفكير بمستقبلي الذي صار ضبابيا فجأة!
وبعد أن أنهيت المدرسة، واستمرّ مكوثي في المنزل ما يقارب الثلاث أشهر، كانت تلك بفضل الله مرحلة التخبّط الأخيرة قبل الفرج!
كان الله يُرتّب لي خطّة محكمة، وكنتُ أنا أغرقُ بصمتٍ، أجهلُ خطّة الله لي!
لا حيلة في يدي، أدعو الله: "اللهم اختر لي ولا تخيّرني، فأنت خير من يختار".
وعلى الرّغم من هذه الثلاث الشّداد، إلا أنها علّمتني دروسا كثيرة، ما كنتُ اليوم لأفهمها لولا الّذي مرّ بي.
تلك الأشهر، وإن كانت علّمتني شيئا جوهريا، فهو أن لا تُرضي الآخرين على حساب سعادتك أنت!
لا تعلّق آمالك بأحد سوى خالقك وحده.
ولا تحيدَ عن حلم لطالما كان نصب عينيك، وادعو الله ولا تعجز، وتذكّر أنك بين يدي الرحمن الرحيم، الذي هو أرحم بك منك، والذي يقول للشيء كن، فيكون.
..
في تلك الفترة وخاصة في آخرها..
صرتُ إنعزالية بشكلٍ ملحوظٍ جدّا! لا أرغب بمحادثة أحد ولا مناقشة أحد! ولا أريد شيئا إلا أن أنام...
انعزلتُ حتّى عن ملهم، ولم يعد باستطاعتي الكتابة أو التّعبير عن الذي يجري معي.
كلّ الذين من حولي يشعرون بي، ولكن لا يملكون حيلة لإنقاذي رغم محاولاتهم.
الله وحده من يقدر على ذلك! الله وحده سينقذني!
كنتُ أحيانا لا أستطيع البكاء رغم حاجتي إليه!
أذكرُ ذلك اليوم الذي قرأتُ فيه سورة البقرة لأنني أردتُ أن أرتاح! وبكيتُ بعدها بشدّة.. ومن لحظتها بدأت الأمور تأخذ مجراها وتنفتح الأبواب!
كان الهاجس حينها كبيرا؛ فقد كان حلمي يتحطّم أمامي، كنتُ أقول: لن يتغيّر أي شيءٍ إلا بمعجزة إلهية! وقد كانت!
كان الجميع يدرك تخبّطي ويراه بعينيه.
ولكنّهم بالمقابل، (وفئة منهم) بعد أن دخلتُ الجامعة، ورأوْا أن الأمور تتيسّر، وأنّني رسيتُ على برٍّ آمنٍ واطمئننتُ، استكثروا عليّ هذا، هاجموني وجها لوجه، نعتوني بالعنيدة، والأنانية، وقالوا بوجهي أن رأسي يابس؛ فأنا لا أكترث لأحد وأفعل الذي في رأسي.
أنا أتذكّر جيّدا كلّ واحدٍ منكم، ومازلتُ أحفظ نبرة أصواتكم في كلّ كلمةٍ مؤذية قلتموها بعد شهور عانيتُ فيها وتخبّطتُ.
ثم بعد أن بدأت أستعيدُ طاقتي وبهجتي، تهاجمونني بكل هذه القسوة!
فقط لأن الله سخّر لي حلما كان صعب المنال، وهو بقدرته سبحانه يسّره لي في غمضة عين! وبطريقةٍ لم أكن لأتخيّلها أنا، أفتتخيّلونها أنتم؟!
هجومكم حينها (وعندما أتأمّله اليوم) أجده فعلا طبيعيا، فنحنُ خُلقنا محدودي التفكير والأفق، ولأننا حتما لن نرى الأمور من زاوية الآخر، ولن نفهمها طالما لم نعش نفس التجربة التي عاشها، كلٌّ سيرى الأمر من زاويته وعقليّته. لذا لا تحكم علي أي شخصٍ آخر، فأنت لا تملك حياته، ولا تفهم الذي يعيشه ويقاسيه، ولا تكن قاسيا على غيرك، خاصة وإن كان قد مرّ بفترة صعبة أو ما زال في دوّامتها أو حتّى لا يمرّ بأي شيء.. فمن أذن لك بالقسوة؟!
..
إنني ومن بعد الّذي مررتُ به، وبعد الذي قاله الناس لي، رميتُ كل شيئٍ لا يمسّ مصلحتي عرض الحائط، وتمسّكتُ بنفسي، وبالّذي أريده، وعائلتي، وبعض الاهتمامات، وقليلٌ من الأصدقاء أجّلتُ تواصلي معهم حتى أستعيد عافيتي بالكامل، وأغلقتُ الباب.
في هذه الفترة، حذفتُ حساب الفيسبوك بكلّ الذي فيه من ذكريات وأصدقاء، وبدون أي سابق إنذار لأحد.
فمالّذي تتوقعه منّي بعد أن رأيت الوجه القبيح من النّاس وعرفت جزءًا بسيطا من تفكيرهم؟
لكنّ هذا كان سببا مساعدا لاتّخاذ هذه الخطوة، وليس السبب الرئيسي.
شعرتُ حينها أن لا شيء يستحقّ..
فعلا لا شيء يستحقّ أن تتخبّط لأجله، وأن تحترق لأجله، لا شيء يستحقّ أن تربط سعادتك به، لا أحد يستحقّ أن تضحّي بأغلى أحلامك حتى تكسب رضاه، لأنك ستفعل ذلك مكسورا القلب، ولن يعجبه ذلك بعد حين.
سيسخر منك عندما تضجر، سيخبرك بأنك أنت من تخلّى عن أحلامه. أنت من صنع هذا!
يجبُ أن تفهم أنك أنت أولى أولويّاتك..
إن لم تتمسّك بنفسك جيّدا، وإن تخلّيت عن الأشياء التي تعبّر عنك وعن روحك، لأجل مرضاة النّاس، صدّقني أنت حينها لن تكون راضيا حتى عن نفسك!
وستعجز عن نيل رضا نفسك فضلا عن رضا الناس! وستُحبط، وستشعرْ بأنك فاشل، ولا تقلق فهم سيذكّرونك بذلك دوما!
فتنبّه يا صديقي!
أن تختار نفسك اليوم وينعتونك بالأناني ذو الرأس اليابس، خيرٌ من أن تفقد نفسك لرضاهم، ويسخرون منك في الغد عندما لا تملك شيئا حتى نفسك!
أعتقدُ أن هذا شرحا وافيا عن هبة ٢٠٢٢، فهي تختار نفسها أوّلا، وبدت حريصة جدا، تستعمل حساب فيسبوك آخر نقيّ، لغرض الدراسة والتواصل مع بعض أصدقاء الانترنت، لا تعرضُ حياتها على مواقع التواصل ولم تعد لاستعمالها كالسابق أصلا، ولا تنشر شيئا عن نفسها إلا بكامل رغبتها وتفكيرها، ولا تكتب عن أهدافها إلا بعد تحقيقها.
..
تذكّر: "رضا الناس غاية لا تدرك"
فافعل ما يجعلك سعيدا ومرتاحا يا صديقي.
لا تكثر التفكير بشيءٍ لا يجعلك مرتاحا، احسم القرار ولا تلتفت.
إنني بعد أن حذفتُ حساب الفيسبوك وفقدت تواصلي مع معظم أصدقائي دون اكثرات.
اكتشفتُ بعدها الذين يحبونني بصدق، لأنهم هؤلاء هم الذين تتبّعوني، وتواصلوا معي بطرق أخرى عندما افتقدوني.
هؤلاء فقط هم الذين تسعد بهم وبمعرفتهم.
أما البقية.. فاتركهم خلف ظهرك..
ولا تبالي بأحد، ولا تهتم بأحد.
ركّز بنفسك، وعائلتك، وبعض أحبابك المقرّبين.
أحبّ نفسك، فلن تشعر بمحبة الغير الحقيقية إن لم تكن أنت تحبّ نفسك.
وبسّط حياتك فهي لا تحتمل كلّ هذا التعقيد.
التعليقات
@كندة
لا أراكِ الله سوءًا يا كندة🌸🌸🌸