مأساة الحياة لا تكمن في عدم وصولك للهدف، ولكنها تكمن في عدم وجود هدف تحاول الوصول إليه _ بنيامين مايز

كنت أبدا يوما روتينيا مملا، ولا يختلف عن ما مضى من أيام، إلى أن جائني إلهامٌ لا أعرف مصدره، ودفعني لأبحث وأقرأ في جميع مذكراتي التي كنت أدوّن فيها أهدافي، وحتى تلك التي كنت قد خصّصتها للكتابة الحرّة والتعبير عن مشاعري.

بلا مبالغة، كنت أقرأ بابتسامة عريضة، تارة أضحك، وتارة أتعجّب من أشياءٍ كتبتها في عمرٍ لا أفهم كيف استطعتُ كتابتها! وأتساءل بمَ كنتُ أفكّر عندما كتبتها!

عدتُ لثلاث سنوات مضت، وأدركتُ حقا كم تغيّرتُ، وكم تغيّرت أولوياتي.

وكيف أصبحت حياتي روتينية قاتلة بعد أن تركتُ تدوين أهدافي والكتابة على الورق.

"هذا ما ينقصني: التدوين اليومي للأهداف!"

أقارنُ كيف كنتُ نشيطة ومندفعة بكلّ حماس وحكمة، عندما كان لي أهدافٌ واضحة، أكتبها وأعمل على تحقيقها وقياس مدى تقدّمي فيها والمتابعة بشكلٍ أسبوعي.

كانت تلك حقا أفضل أيام حياتي، ففيها أدركتُ قيمة الوقت، وكيف أنه بوسعنا القيام بالكثير، وأن يومنا الذي يحتوي على 24 ساعة مملة، عند وجود أهدافٍ حقيقية ونبيلة نسعى لتحقيقها بصدق، لن تكفينا هذه الساعات، بل سنتسابق معها بكلّ شغف وحماس وحب!

مازلتُ أتذكّر عندما وضعتُ جدولا ينظّم يومي بالساعات وكل ساعة مالذي سأفعله فيها، كنتُ أستيقظ منذ الساعة الخامسة، أصلي، وأتناول فطوري، وأمارس الرياضة، ثم أتعلم الإنجليزية، وبعض الإهتمامات الأخرى، كلّ هذا قبل أن يحلّ منتصف النهار حتى!

كانت كلّ دقيقة تشكّل أهمية كبيرة عندي، فكنتُ لا أسمح لأي أحدٍ أن يختلس من وقتي الخاص. وأستاءُ جدا إن قام أحد بمناداتي أو بإلهائي عن أهدافي..

أما الآن.. فأنا المُلهية لأنا!

عزمتُ من اليوم، أنني سأتغيّر، وسأعود لدائرة النظام والتدوين من جديد.

وما دفعني أكثر للعودة إلى تدوين الأهداف، هو أنني كنتُ قد بدأتُ رحلتي في تدوينها في اليوم الأول من يونيو في عام عشرين عشرين.

أذهلتني الصدفة! وكيف أن إشارة كهذه لا يجب أن أهملها.

أنا حقا بتُّ أفهم وأرى وألاحظ أهمية الأهداف، وأهمية تدوينها بشكلٍ يومي والعمل عليها يوما بعد يوم، إلى أن نحققها بشكلٍ كامل وننتقل لهدفٍ آخر.

وكيف أن يوما ينقضي دون كتابة أهدافٍ له، سينقضي بعشوائية ومضيعةٍ كبيرة للوقت، على عكس اليوم الذي يكون منظّما ومدوّنا كل هدف فيه منذ البدء!

أعلمُ أن هذا موضوعٌ متشعّبٌ وطويل، ولا تكفيه هذه السطور المختصرة، لكن إن كان بإمكاني إختصار تجربتي البسيطة فسأقول:

"إن الأهداف لن تتحقق من تلقاء نفسها، بل تتطّلبُ منا إرادة صادقة، وعزما وعونا على تحقيقها مثل بعض الأصدقاء الذين يشاركوننا الأهداف نفسها، واعلم أنه إن كنتَ تريد أن تصبح أكثر إنضباطا وتقديرا للوقتِ، فيجب عليك أن تلتزم بشكلٍ يومي ومستمر على كتابة الأهداف وتدوينها.

فالتدوين يعلّمك الصبر، فنتائجه لن تحصدها إلا بعد أشهر أو حتى بعد سنة!

ولكن إن أردت نتائجا مبهرة حقا، فعليك الإلتزام بالتدوين والحرص عليه لأشهر متواصلة، على الأقل لثلاثة أشهر.

وصدّقني بعدها، لن تستطيع العيش مُنجزا بدونها مهما حاولت!".



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات هِبةُ الحُريّة 🕊

تدوينات ذات صلة