{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}

بسم الله الرحمن الرحيم

{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} _سورة الإسراء


سبحان من صوّر لنا آياته وجعل القرآن نورا يهدينا به ويرشدنا الطريق المستقيم.

سبحان من تجلّت آياته وعظمت..

سبحان من أنعم علينا بنعمة القرآن، فلو كان القرآن النعمة الوحيدة في الحياة الدنيا لكفى!

إننا في هذه الأيام العظيمة، نرى آيات الله في كلّ شيء..

نرى وكأنَّ القرآن العظيم يُترجم على أرض الواقع..

ونرى الأحاديث النبوية الشريفة تتحققُّ كفلق الصبح..

فسبحان الله!


رأيتُ أحدهم وقد نشر صورة للقسّام مع إحدى الأسيرتين اللتين حررهما قبل أيام، وكان أحد المجاهدين يُطعم العجوز الأسيرة بيده قبل إطلاق سراحها وتسليمها.

وكان قد كتبَ على الصّورة الآية في سورة الإنسان:

{ويطعمون الطّعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا}

لأول مرّة أتصوّر هذه الآية وأفهمها وأرى بعيني عظمتها..


هذا الدّين دين عظيم.. تتسلّلُ رحماته في قلبك بل وتبعثُ بنورها لمن حولك ولو كانوا من غير دينك!

عندما نقول في أذكار الصباح: (رضيتُ بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا)

فنحنُ لا نقول ذلك لأنه مجرّد ذكر!

بل نقوله رضا وحبا وتسليما واستشعارا لعظمة هذا الخالق العظيم، فنحمده أنه هدانا لعبادته وحده، ونقرّ له بأننا راضون ياربّ عن هذا الدين الشامل الكامل.. وأنك أرسلت لنا خير خلقك فأخرجتنا من الظلمات إلى النور.

وجعلته لنا إماما إلى يوم الدّين..

فالحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه..

منذ الآن وصاعدا.. عندما تقول: الحمدلله

قُلْها مستشعرا النعم التي حباك الله بها

مستشعرا أنك عبدٌ لربّ عظيم كريم

وأن نبيّك خير الخلق أجمعين وآخر الأنبياء المرسلين

وأن ديانتك خير الأديان وآخرها وبها نُسخت الأديان السابقة..


إذا وبعد كلّ هذه النعم التي أنعمها الله علينا -نحن المسلمون- وخصّنا بها دونا عن سائر البشر، هل تسأل لم تتكالب الأمم علينا؟

لم تُحتلُّ بلداننا وأفكارنا ويُعاث فيها الفساد والخراب العظيم؟

لمَ تُحتلُّ أرض مسرى رسول الله؟

لم يفعل اليهود والصهاينة والمشركون والملحدون هذا بنا؟

إن الفرق ما بيننا وبينهم كالفرق ما بين السماء والأرض..

فنحنُ إذ نتصبّر على دنيانا بمصائبها وابتلائتها المستمرّة فهو لنيل الآخرة.

وهم لا صبر لهم على دنياهم لأنها هي حياتهم الوحيدة.

فنحنُ نصبر ونقاوم ونتحمّل معتركات الحياة وأعباءها لأن الله وهبنا حياة أخرى نتنعم بها إذا ما أحسنّا في الحياة الدنيا، ولأننا نؤجر على صبرنا وننال به الرِّفعة في الجنان.

وهم مهما بلغوا في دنياهم فليسوا بآخذين شيئا منها في الآخرة.

لهذا.. فهم أشدّ ما يخشونه الموت؛ لأن لا حياة لهم بعده.

ولأن نار جهنم التي لا يعترفون بها تلاحقهم في أفكارهم مهما كذّبوها.

وأما نحنُ فنقول: يا مرحبا بالموت ويا مرحبا بلقاء الله..

يا مرحبا بنعيم لا ينقطع، وبلقاءٍ لأحباب سبقونا.

فهذا أوّلا ما يربطُ على قلب كلّ مسلم عرف الله وعرف الدين وفهمه.

أما ثانيا، فالصراع القائم على الأرض في فلسطين...

والذي نشهده اليوم بوضوح تام على أرض غزة.. ودعوني أطرح سؤالا:

"لمَاذا هربت الجنود الصهاينة فور رؤية جنود القسام وألقت السلاح؟ ولماذا هاجر المستوطنون من بيوتهم وسكنوا الملاجئ تحت الأرض؟ ولماذا فرّ الكثير منهم وسافروا خارج فلسطين؟ فقد رأينا مطاراتهم وهي محشوة بهم والكل يريد الهرب والفرار!

والآن هم يتظاهرون في الشوارع مندّدين ومستائين من نظام حكومتهم الفاشلة، ويطالبون بإعادة أسراهم قائلين: "خذوا النّتن ياهو، وأعطونا أسرانا"

ولماذا يقولون لن نعود إلى بيوتنا ثانية؟!


وبالمقابل، فقد تقدّم مجاهدونا ومضوا نحو الموت بعزم حديد ولم يهابوه، بثّوا الرعب في قلوب جنودهم وكانوا يتساقطون من بين أيديهم واحدا تلو الآخر..

ولم يخرج الناس من أراضيهم بل آثروا الموت فيها وقد كان وما زال!

ولم يخرجوا مندّدين ومستائين من أفعال المقاومة..

أو لماذا بدأت المقاومة الحرب، واليوم نحن نقتل؟!

بل رأيناهم يفقدون بيوتهم ومهجهم من أبناء وأزواج ويقولون في أشدّ لحظاتهم ضعفا: فِدا الأقصى والوطن، فِدا المقاومة.

وقالوا هذه أرضنا مهما فعلوا بنا لن نخرج منها وسنموت فيها.

لم يهربوا منها كما فعل الأغراب..


وبخصوص بعض ما يقوله الجهلة، بأن المقاومة هي من بدأت الحرب وبسببها يُقتل الناس، فلو لم تبدأ هي، لم شنّ الأوغاد هجماتهم ومات الآلآف..

ونحنُ نقول: يا جهلة، المقاومة لم تبدأ، المقاومة تدافع عن أرض هي لها. المقاومة تخوض جولة من جولاتها التي فُرضت عليها مذ احتلّ المغتصبون أرضنا.

نحنُ في حالة دفاع عن أرض هي في الأصل لنا..

أفتلام المقاومة لأنها تحاول استرداد أرض هي في الأصل لها؟!

لم لا نقول هذا للعدو الذي يقتلنا كل يوم ولا يسكت؟!

فمن دون الحروب التي تشن على غزة بين الفينة والأخرى، الاحتلال مستمرُّ في اقتحام مدننا وقتلنا واعتقالنا، وهدم بيوتنا، وسلب أراضينا، وتدنيس أقصانا، وإهانة أمهاتنا.

أفبنقى صامتين أمام كل هذا؟! أفنلام نحن الذين نحاول استرجاع حقوقنا المسلوبة، ولا يلامون هم الذين اعتدوا على حقوقنا وأملاكنا من الأساس؟!

ويحكم والله!!


إذا فالرّؤية واضحة جدا يراها أعمى العينين بنفسه.

صاحب الأرض لا يخشَ شيئا، فهو صاحب الحقّ.

صاحب الأرض إذا كان رب السموات والأرض معه، فكيف يخشى سواه؟

الحقّ واضح جدا، يحاول الحثالة تغييره وتشويهه..

لكنهم خسئوا أن يجيئوا بغيره..

فهو كالشمس واضح.

مهما حاولوا تغيير الحقائق، مهما زعموا من قوة ومن ثبات..

فهم كاذبون جبناء، الرّعب فيهم ومنهم.

قد فكّك جموعهم وصفوفهم.

لا بقاء اليوم على أرضنا..

سنستردُّ أرضنا يا حثالة الأمم..

زمن جوركم وبطشكم قد طال.. طال جدا..

ونحنُ الآن، سنكنسكم عن أرضنا أذلة صاغرين..

فقد حانت نهايتكم.. حان زوالكم عن أرضنا


الفرق ما بيننا وبينكم واضح جدا

الأرض أرضنا، ولا أرض لكم

الأقصى أقصانا، ولا هيكل لكم.

ديننا الإسلام، ولا دين لكم

ربّنا الله، ولا ربّ لكم.

الآخرة لنا، ولا آخرة لكم.

الجنّة موعدنا، ولا جنة لكم.

الكون كلّه مسخّر لنصرتنا ، والكون كله عليكم لهزيمتكم بإذن الله.

وهذه الأيام بيننا... فصبرٌ جميل.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

فصبر جميل... الحمدلله شكرا على كلماتك هذه❤️

إقرأ المزيد من تدوينات هِبةُ الحُريّة 🕊

تدوينات ذات صلة