هذه كلمات، حاولتُ بها أن أرسل رسالة لكلّ من أثقله الوجود على مواقع التواصل الإلكتروني، ومساعدته في الانتصار عليها.

عزيزتي سحابة،

أرجو أن تتحرّر كل هذه التساؤلات في رأسك، وأن تنفكّ عنكِ كلّ معالم الحيرة التي شغلتك، فتصبحين حرّة وخفيفة كسحابة، ويكون لكِ من اسم مدوّنتك نصيب!


إن ما كتبته جذبني جدا، وفهمتُ الّذي تقصدينه وكل هذه التساؤلات..

لأنّي مررتُ بهذا، وسألتُ نفسي الأسئلة ذاتها، وبقيتُ تائهةً لفترة، أعرفُ الصّواب وأتردّدُ عن فعله! وإن فعلتهُ رجعتُ مرّة أخرى إلى ما كنتُ عليه!

ربّما لأنه كان ينقصني بعض الإيمان؛ الإيمان بخالقي أوّلا، ثم بنفسي وما أطمح إليه.

أو ربما لأني كنتُ أجهل الغد، وأخشى أن أخطوَ خطوة لا أعرف كيف ستؤثّر على حياتي وتغيّرها فيما بعد.

أو لأنّه كان يخيّل إليّ صعوبة أن أترك كل شيءٍ وأبدأ من جديد.

أو خوفًا من نظرة الآخرين وشعورهم تجاهي.

أو أو أو....

كثيرٌ من المبرّرات التي كانت تشكّل عائقا إضافيا وحاجبا عن الطريق الصحيح.

فالآن، وعندما أتذكّر كل هذا التردّد فيما مضى، أرغب بصفع نفسي!


لن أُطيل عليكِ أكثر من هذا، سأكتبُ لكِ بعض الخطوات التي ستساعدك إن شاء الله على حسم القرار، والتي أفادتني جدا وساعدتني على حذف حسابي بشكلٍ نهائي. (فاعذري إطالتي)


وبالمناسبة، اتّبعي ما يمليه عليك ضميرك الحيّ وإحساسك..

عندما تبدئين بسؤال نفسك هل ما أفعله صحيح؟

وتتردّدين في الإجابة مع أنكِ تعرفين في قرارة نفسك أن الإجابة هي لا، وأنكِ لستِ مطمئنة ومرتاحة من أعماقك.

حينها يجب أن تبتعدي عن كلّ شيءٍ يجعلك متردّدة وغير مرتاحة مع نفسك، وكما يقول المثل: (الباب اللي تجيك منه الريح، سدّه واستريح).


حسنا، هذه بعض النقاط التي ساعدتني على اتّخاذ هذه الخطوة التي أعتبرها جريئة وشجاعة:


1/ يجب أن تحدّدي الأسباب التي جعلتك تفكّرين في الاختفاء عن مواقع التواصل وحذف حسابك، وأن تكتبينها على ورق وتقرئينها وتمعنين النظر إليها بعينيك.


2/ شاهدي فيديوهات عن أضرار مواقع التواصل وكيف أن إيجابيّاتها أقل بكثير من سلبيّاتها، واقرئي المقالات والدّراسات البحثية كذلك.


3/ تذكّري أنك تفعلين هذا لأجلك، ولأجل نفسك التي لها حقّ عليك، فلا تستمرّي في تضييعها، احسمي القرار ولا تلتفتي ولا تترددي للحظة.


4/ لا تفكّري كثيرا بشأن أصدقائك على مواقع التواصل (فالحياة ستستمر طبيعية عندهم لا تقلقي)، فمن يحبّك بصدق ويعزّ عليه غيابك سيتواصل معك وسيحاول بشتّى الطرق، وإن عجز عن ذلك سيدعو لك وسيتمنّى لك حياة طيّبة.


5/ إن كان لديك أصدقاء مقرّبين، ولا تملكين أي طريقة تواصل معهم إلا على الفيس بوك، فاحتفظي بحساباتهم الشخصية عندك لتتواصلي معهم لاحقا، أو اخبريهم أنك ستحذفين حسابك وستتواصلين معهم بعد أن ترتّبي أمورك وتشعرين بالراحة.


6/ ستشعرين بفراغ كبير عندما تحذفين حسابك (وهذا من تجربتي الشخصية)، لكنّ الذي فعلته لأتخطّى هذه المرحلة، أنّني كنتُ قبلها قد انضممتُ إلى فريق تطوعي وتعرّفت على صديقات جديدات فيه، جميعهنّ يعملن لأجل غاية واحدة تهمّني بصدق وأعتنقها، وبهذا فقد كانوا عونا لي وكانوا خير صديقاتٍ لم أشعر معهنّ أنني وحيدة، بل ميّزوني وجعلوني أشعر أنني كافية جدا وعضو مهم. (فهكذا تكون الصحبة الصالحة الطيّبة، لا ينتقص أحد من الآخر، ولا يجعله يشعر أنه على خطأ أو أنه غير مرتاح).


7/ كوّنتُ صداقات في الجامعة، بدلا من كل الصديقات اللاتي انقطعتُ عنهنّ (باستثناء بعض المقرّبات لدي، واللاتي يملكن رقم هاتفي الخاص).


8/ سجّلتُ بمقرأة الكترونية على الانترنت لتعليم القرآن، وكان مقرّها في البلد التي أعيش فيها، لذا كنتُ أحضرُ الفعّاليات التي ينسّقونها، والتقيت بمعلمتي التي تدرّسني عن بعد لأول مرة ثم توالت اللقاءات، وهذا جعلني لا أفكّر إطلاقا بمواقع التواصل، فهدفي كان عندما حذفتها هو أنني أردتُ حقّا أن أعيش على الأرض، لا أن أكون مغيبة على الانترنت. *وفي الحقيقة فهذه الفعاليات التي تكون خاصة بالقرآن وصحبته تجعلك تشعر بالخزي من نفسك ومن الذي كنت تفعله وتضيّع وقتك لأجله، وتثبتك على قرارك أكثر فأكثر (وهو المطلوب).


9/ حاولتُ على قدر المستطاع أن أكرّس جهدي ووقتي في الأنشطة التي تكون على أرض الواقع لا على الانترنت، وأن أشغل نفسي فلا يكون لي وقت فراغ أفكّر فيه بالذي مضى.


10/ يجب أن تعرفي أن هذه خطوات ستأخذ وقتها، ولن يحدث هذا التغيير في لحظة، بل سيأخذ وقته بالكامل، فلا تستعجلي النتائج، وكوني صبورة ومرنة مع نفسك.


11/ كوّني صحبة جديدة مختلفة عن سابقتها، ولا تسمحي لأي أحدٍ أن ينتقص منك، أو أن يجعلك تشعري بأنّك غير كافية، وأنه قادر على تركك في أي لحظة.

لا تسمحي لأحد بهذا، واتركيه فورا. (تغدّي فيه قبل لا يتعشّى فيك😜)


12/ لا تهيني نفسك، اتركي فعل الأشياء الخاطئة التي تنتقص منك. يجبُ أن تستنفذي كلّ الأسباب والحجج والأعذار التي تجعلك تستمرّين على شيء لا يرضيك حتى تتوقفي عنه، يجب أن يكون دافعك هذه المرة أكبر بكثير من أعذارك، تشجّعي وافعليها!


13/ خلال فترة حذفك لحسابك والتي تستمرُّ لثلاثين يوما إلى أن يتم حذفه بشكل نهائي، بعد كم من يوم من حذفك إياه سيوسوس لك الشيطان لترجعي مرّة أخرى وتفعّلينه من جديد قبل أن ينحذف لتطمئني على الرّعية والكوكب🤦‍♀️ (وقد حدث معي هذا، فجعلني أكتب جدولا لشهرين كاملين، وفي كل يوم لا أفتح فيه الحساب من جديد خلال هذه الفترة أرسم اشارة ✔) وهكذا حتّى تنتهي الثلاثين يوما كاملة وينحذف الحساب بشكل نهائي.

وهنا سأرفق لك صورة هذين الجدولين والذين علقتهما على باب الغرفة، وكنت منذ بداية اليوم أضع إشارة صح في المربع المخصص، حتى أتعلّم احترام نفسي ولا أفتح الحساب في منتصف اليوم.


إلى مدوّنة سحابة18090392192767400
إلى مدوّنة سحابة94664763955585760


14/ تحايلي على نفسك، نعم اخدعيها، كما في المثال السابق بأن تضعي علامات الصح منذ بداية اليوم، واعرفي جيّدا مواطن ضعفك وابحثي عن حلول، لا تستسلمي أمام شيطانك وهواك، يجب أن تحترمي نفسك وأن لا تدعي مجالا لهواكِ حتى يتحكّم بك.


15/ إن اشتقتِ لصديقة من اللاتي انقطعت عن التواصل معهن، أو راودتك أي رغبة للحديث، ببساطة افتحي مذكرة الهاتف واكتبي فيها ما شئت، ثم بعد يوم افتحيها واقرئي الذي كتبته، وستمسحينه على الفور صدّقيني😂


16/ إن كنتِ لا تستطيعين حذف حسابك فجأة مرة واحدة، تدرّجي في ذلك، أنا مثلا..

قمتُ بحذف جميع المناشير في صفحتي الشخصية، وامتنعت عن نشر أي شيء على حسابي لفترة، وتركتُ التفاعل مع منشورات غيري (فحينها كنت قد سئمت فعلا من الفيس بوك ومن كل المظاهر الخادعة والغير حقيقية فيه)، ثمّ عطّلته مؤقتا وابتعدتُ، وعندما رجعت لفتحه، فتحته واطمئننتُ على الرّعية التي لم تطمئن عليّ، وحذفته بشكل نهائي.


17/ أعرفُ أن مواقع التواصل خاصة الفيس بوك، صار ضروريا في هذا الزمن العجيب، لأجل الدراسة وقروبات الدراسة وصفحات المؤسسات الدراسية، لذا أنشئتُ حسابا آخرا، ولم أقم بإضافة ولا شخص عليه لمدة خمسة أشهر، ولمدة حوالي أربع أشعر حتى تواصلت مع بعض الصديقات اللاتي أحبّهن ولا أملك طريقة أخرى للتواصل معهنّ إلا على الفيس فقط، ولم أقوم بإرسال طلبات صداقة لهنّ ولا هنّ أيضا (فهنّ يحترمن رغبتي الشخصية ويدركنها دون أن أتكلّم، وإن لم يكن صديقك يحترمك ويحترم رغبتك فلا تجبر نفسك للبقاء معه)، وبقيتُ على هذه الحال إلى أن أرسل لي صديقاتي في العمل التطوعي طلبات الصداقة، وقد قبلتها وأنا أفهم جيّدا الهدف من وجود حساب الفيس بوك هذه المرة (للدراسة فقط وبعض الاهتمامات، وليس لنشر أي شيء يتعلق بي، وليس لأتفاعل وأنتظر ردّا في التعليقات، حتّى أن في فترة ما كتبتُ منشورا في مجموعة عامة عن الكتب، ولما وصلني إشعار بتعليق شعرت بالغرابة للحظة وقلتُ في نفسي ياااااااه، وتذكّرتُ حسابي القديم، وحذفت المنشور..


18/وأخيرا، آخر خطوة وأهمها: وثّقي علاقتك بالله أكثر، وابدئي بحفظ القرآن إن لم تكوني تفعلي، فهو سيربط على قلبك جدا، ولن تشعري بأنك بحاجة شيئ آخر بعده، القرآن سيكون أفضل أصدقائك إن أخلصتي النية لله ورأى منكِ صدقا، ولا مانع من أن تطوّري من نفسك ومن ثقتك بنفسك (واعلمي أنها تزداد عندما تبدئين بفعل ما يفيدك حقا وترك ما يؤخّرك)، وإن كانت من عاداتك مشاركة أصدقائك يومياتك أو ما يحدث لك، أو حتى ما تجدينه ممتعا ومفيدا، فافعلي هذا مع عائلتك فهم أولى بذلك وهم الأقرب لك، وتذكّري قول رسول الله صلّ الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله)، وثّقي علاقتك بالله ثم عائلتك، فهذه علاقات مهما ازددت منها لن تشعري بنقصٍ في داخلك ولن تشعري بأنك ثقيلة ومملة.


*أعتذر عن الإطالة جدا، ولكنّه موضوع طويل جدّا ومتشعب لأقصى حد، حاولتُ أن أكتب خلاصة الذي نفعني خلال هذه التجربة، والتي أرى نتائجها واضحة الآن، فأنا بدأتُ بحذف حسابي في نهايات يناير لهذا العام، وحُذف نهائيا في بداية إبريل، وقد حقّقتُ هذا العام بفضل الله أهدافا لم أكن لأحققها لولا اتّخاذ هذه الخطوة وانشغالي بنفسي فقط بعيدا عن الناس ومواقع التواصل!


أتمنّى لكِ رحلة سعيدة وموفّقة، ومليئة بالتجارب السّارة. تذكّري أنكِ نتاج عاداتك وما تفعلينه وتقضين وقتك فيه، فافعلي ما يفيدك ويعلّي من شأنك.

وفّقكِ الله ورعاك🌱🌸


📌أشياء أنصحك بقرائتها ومشاهدتها:

▪︎كتاب العادات الذريّة

▪︎بودكاست كيف تنجح العلاقات مع د. ياسر الحزيمي (تجدينه في برامج الصوتيات، أو على يوتيوب)




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

كلّ التوفيق يا سحابة⚘أنتِ من أسعدني والله..
حفظكِ الله وفتح لك أبواب التوفيق والتيسير يارب🌸🌱

إقرأ المزيد من تدوينات هِبةُ الحُريّة 🕊

تدوينات ذات صلة