سأستمر كاملا من دون "كان" ولا "يكون"، إنما بالإيمان

ما معنى "كان" والتي مضارعها "يكون"؟ تسمى فعل "الكَون"، وهي تحمل معنيين يلوحان لوهلة أنهما متناقضان. إذ يأتي فعل الكون بمعنى "الحدث" بالنسبة للزمن: ماضيا، ومضارعا، وأمرا. ويأتي فعل الكون كذلك للثبوت المتجرد من تأثير الزمن، كان الله غفورا رحيما: إثبات أسمائه وصفاته على ما ينبغي له سبحانه.


فالحدث/ الحدوث: يعني التجدد والاستمرارية، أي أن هناك ما يموت ليحيا غيره. في حين أن الثبات هو البقاء على حال واحدة للدوام دون تغيير.


فكيف "أكون" و لا "أكون" في الوقت نفسه؟ ثم كيف "يكون" لي، ولن "يكون" لي في الحياة الواحدة؟!لو تذكرت الأمور التي لن تكون لي بحال، فإنها في ذاتها من التغييرات والحدوثات في حياتي، أي أنها كما حضرت فستذهب لا محالة.ولكن لو نظرت إلى نفسي بين هذه المستجدات، فسيتحقق لي أنها الثابت الوحيد الذي يدوم بعد زوال الملحقات.


وإنه لمن الجمالية في وجودي الكامل أن أحمل الوصفين المتناقضين: أكون ولا أكون معا! ولكن بحسب زاوية النظر. فلو أننا نظرنا إلى ما فقدنا على أنه "لم" يمس شعورنا بالاكتمال، وأننا لم يفتنا شيء، وأننا لن نسمح للآخرين أن يساووا بين قيمتنا وقيمة ما نفقده؛ حينها نصبح “كان" البقاء.



ولكن ما هو درس الحياة في "الذي لن يكون لي"؟! أ

بسط الطرق للتخلص من ضغط الواقع هو التحليق في الخيال، الخيال لطيفة ربانية تفسح للنفس أن تصنع قدرها الذي لم يصنع لها، دون أن تتحمل إثم الكفر بهذا القدر!


فعندما يوقفنا السؤال بروح الإنكار عن حكمة الحرمان في "الذي لن يكون لي"، علينا أن نمارس التخيل فيما لو أن هذا "الذي لن يكون لي" قد "كان لي"حقا، شريطة أن أرى ما خلف الصورة من مخاطر أو احتمالات غير محببة. إذ مع هذا التخيل يلزمنا أن نقرر مبدأ أوليا؛ وهو أن "الذي يكون لي" يجب أن يحفّني بالسعادة الكلية دون أي منغصات أو نواقص أو خوف من فقدانه يوما ما! فإذ تحققت هذه الشروط جاز لي حينها أن أقول : أن القدر ظالم معي! ولكن لو تبين أن السُّم يكمن في العسل، فإن تخليص العنصرين من بعضهما تجربة لم تنجح حتى اليوم، لا في معامل الصناعة، ولا في حياة الإنسان من باب أولى.



"الذي لن يكون لي"، شرط ما هو "لي" الآن، فانظر إلى ما فقدتّ على أنه "حسَنة" ما أنت عليه، وإن الحسنات يذهبن السيئات؛ هو قانون مطلق في المعنى والمادة معا.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات غادة عبدالله

تدوينات ذات صلة